شعار قسم مدونات

غزة بين الإبادة والتهجير.. جرائم بلا حدود

استهداف مستشفى المعمداني
استهداف مستشفى المعمداني من قبل جيش الاحتلال (الجزيرة)

بعد مرور أكثر من 18 شهرًا على العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، لا تزال آلة الحرب الهمجية ترتكب أفظع المجازر، مستهدفة المناطق السكنية المكتظة بالسكان، وحاصدة المزيد من الأرواح البريئة، وسط صمت دولي وتخاذل عربي مريب، وعجز من المنظومة الحقوقية عن وقف الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني.

في فجر الجمعة، استيقظ القطاع على مجزرة مروعة في خان يونس، حيث قضت عائلة آل الفرا بأكملها، ومُحيت من السجل المدني الفلسطيني، حالها كحال عائلات أخرى

تشكل حرب الإبادة التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي انتهاكًا صارخًا لجميع القوانين والأعراف الإنسانية والاتفاقيات الدولية، وفي مقدمتها اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية، التي تعرف الإبادة بأنها أفعال ترمي إلى تدمير جماعة بشرية، كليًا أو جزئيًا.

يُمثل القصف العشوائي، والهدم الممنهج للمنازل، ونسف مربعات سكنية واستهداف مراكز الإيواء والملاجئ والمستشفيات والأطباء، وفرق الدفاع المدني والصحفيين، وحصار المدنيين وحرمانهم من المساعدات الأساسية، أركانًا واضحة لجريمة إبادة جماعية تحدث على مرأى ومسمع من العالم وبدعم أميركي كامل، هذا يستوجب فتح تحقيق دولي مستقل في جرائم الإبادة المرتكبة في غزة، مع التأكيد على ضرورة ملاحقة قادة الاحتلال أمام المحاكم الدولية بتهمة الإبادة الجماعية وجرائم الحرب.

في ظل هذه التطورات، يواجه سكان قطاع غزة كارثة إنسانية غير مسبوقة. يفتقر آلاف الجرحى إلى الرعاية الطبية الضرورية نتيجة لتدمير المستشفيات ونقص الإمدادات.

إعلان

يعاني المدنيون من انعدام الأمن الغذائي والتشريد القسري في ظروف قاسية للغاية. حتى الآن، لم يحقق الاحتلال الإسرائيلي أهدافه المعلنة، سواء القضاء على المقاومة، أو استعادة الأسرى، أو فرض السيطرة الأمنية والسياسية على القطاع.

في فجر يوم الجمعة الماضي، استيقظ القطاع على مجزرة مروعة في خان يونس، حيث قضت عائلة آل الفرا بأكملها، ومُحيت من السجل المدني الفلسطيني، حالها كحال عائلات أخرى، يعكس هذا المشهد طبيعة الحرب، التي تتجلى في إبادة جماعية ممنهجة تستهدف المدنيين، لا أهدافًا عسكرية كما تدعي رواية الاحتلال الإسرائيلي.

أفادت وزارة الصحة في غزة بأن عدد الشهداء تجاوز 50.886 شهيدًا، والجرحى أكثر من 115.857، بينهم حالات حرجة

أفادت مصادر محلية بشن قوات الاحتلال غارة عنيفة على منزل عائلة الفرا في خان يونس، أسفرت عن استشهاد الأب مازن إبراهيم الفرا وزوجته وأطفاله و عمته، بالإضافة إلى اثنين من أبناء إخوته. ويأتي هذا الحادث ضمن سلسلة من المجازر التي ارتُكبت نتيجة القصف العشوائي الذي يستهدف المدنيين في أنحاء قطاع غزة.

لم تكتفِ قوات الاحتلال الإسرائيلي بالقتل وارتكاب المجازر بحق الغزيين من الأطفال والنساء والمسنين، بل استمرت في سياسة التهجير القسري الممنهج.

فقد وجهت تحذيرات جديدة بإخلاء مناطق واسعة من شرق مدينة غزة (الشجاعية والزيتون والتفاح)؛ تمهيدًا لاجتياحها، وذلك على الرغم من الدمار الواسع الذي لحق بهذه المناطق سابقًا.

أفادت وزارة الصحة في غزة بأن عدد الشهداء تجاوز 50.886 شهيدًا، والجرحى أكثر من 115.857، بينهم حالات حرجة.

ورغم هذا الثمن الإنساني الباهظ، لم يحقق الاحتلال الإسرائيلي أيًا من أهدافه المعلنة منذ بدء العدوان، وهي القضاء على حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، واستعادة الأسرى، وإعادة السيطرة على غزة.

يكشف الواقع أن حركة (حماس) لا تزال قادرة على المقاومة عسكريًا وإعلاميًا، وأن ملف الأسرى يزداد تعقيدًا، وسط تحذيرات إسرائيلية من مقتلهم تحت القصف. يؤكد هذا أن الاحتلال الإسرائيلي غارق في وحل غزة، دون خطة خروج واضحة.

مع كل مجزرة يرتكبها الاحتلال، يتأكد أن العدوان قد تجاوز أهدافه العسكرية وتحول إلى مشروع إبادة ممنهج للشعب الفلسطيني

إذًا ما الجدوى من استمرار هذا العدوان وحرب الإبادة، ما دامت أنها لا تحقق أهدافها المعلنة؟
وهل يسعى هذا الكيان الطارئ لتحقيق "أمنه" عبر حرب الإبادة كغاية في حد ذاتها؟
وإلى متى سيظل العالم يتفرج على هذه المأساة المتكررة يوميًا، ويتجاهل ما يحدث في غزة دون محاسبة أو رادع؟

إعلان

مع كل مجزرة يرتكبها الاحتلال، يتأكد أن العدوان قد تجاوز أهدافه العسكرية وتحول إلى مشروع إبادة ممنهج للشعب الفلسطيني، ومع ذلك، فإن فشل الاحتلال في تحقيق أهدافه يضعه أمام مأزق إستراتيجي وأخلاقي عميق، وانهيار صورة الاحتلال أمام العالم الصامت، على الرغم من تواطؤ الكثيرين بصمتهم.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.


إعلان