شعار قسم مدونات

غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم في بدر

BLOGS غزوة بدر
غزوة بدر هي أول انتصار للحق على الباطل (مواقع التواصل الاجتماعي)

لقد كان "بدر" مسرحًا للعديد من غزوات النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد هجرته إلى المدينة، فضلًا عن السرايا التي كان يُسند أمر قيادتها لأحد الأكفاء من أصحابه. فأي أهمية يمثلها موقع بدر؟ وما هي أهم غزواته -صلى الله عليه وسلم- في بدر؟

أهمية موقع بدر:

يشكل "بدر" موقعًا مهمًا في الطريق بين مكة والمدينة، فقد كان بدر في جاهلية العرب، وعند بعثة النبي -صلى الله عليه وسلم-، وبعد هجرته إلى المدينة، مكانًا مشهورًا ومعروفًا للعرب قاطبة، لوقوعه على طريق القوافل بين مكة والمدينة، على بعد 160 كيلومترًا من المدينة من الناحية الجنوبية الغربية، وعلى بعد 280 كيلومترًا من مكة.

وكان بدر يومئذ نقطة التقاء بين العرب، فقد كان مكانًا يتجمعون فيه للبيع والتجارة، لأنه كان فيه الماء، والذي يعتبر أهم مورد للحياة في شبه الجزيرة العربية في ذلك الوقت، حيث يفضي إليه وادي بدر القادم من الشمال من جبال تسمى أيضًا جبال بدر، الأمر الذي نجم عنه تدفق المياه في العديد من الآبار في ذلك المكان، وأيضًا ساعد على الاستقرار فيه، فقد كان بدر يومئذ مكانًا عامرًا بالسكان، وفقًا لمفهوم العمران في ذلك الوقت.

وكانت في بدر أيضًا سوق تجارية للعرب، يفد إليها الناس من شتى أرجاء بلاد الحجاز وغيرها، وكانت عمليات البيع والشراء تستمر في هذه السوق لمدة عشرة أيام من شهر ذي القعدة من كل عام.

في غزوة بدر الصغرى خرج النبي -صلى الله عليه وسلم- لمقابلة أبي سفيان وكفّار قريش، على رأس ألف وخمسمائة مقاتل. وما كان المسلمون ليتخلفوا عن الموعد، ويحجموا عن المواجهة، وقد تحداهم أبو سفيان بن حرب، ولكن المدهش أن أبا سفيان، كان هو الذي تخلف عن الموعد، وأحجم عن المواجهة المرتقبة

بيد أن هذه السوق لم تكن على نفس المستوى من الشهرة والتنظيم وحجم عمليات البيع والشراء، كما كان عليه الحال بالنسبة لأسواق العرب الكبرى في الجاهلية، كأسواق عكاظ ومجنة وذي المجاز.

إعلان

هذا عن أهمية موقع بدر، وأما أهم غزوات النبي -صلى الله عليه وسلم- في بدر، فهي:

غزوة بدر الأولى:

وكانت في ربيع الأول من السنة الثانية للهجرة، أي قبل غزوة بدر الكبرى بحوالي خمسة أشهر، وهي الغزوة الثالثة في سلسلة مغازي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، تلك الغزوات المباركة التي انطلقت من المدينة بعد الهجرة النبوية إليها لتعزيز الوجود الإسلامي بالمدينة، والتي كانت أولاها غزوة الأبواء -أو ودان- في صفر من السنة الثانية للهجرة، وثانيتها غزوة بواط، وكانت بعدها بشهر واحد.

وسبب التسمية "غزوة بدر الأولى" يرجع لكونها أول غزوة يغزوها النبي -صلى الله عليه وسلم- في هذا المكان المعروف بـ "بدر". وكانت هذه الغزوة أساسًا لمطاردة كرز بن جابر الفهري، ذلك الشيخ البدوي الطمّاع، الذي أغار هو وعصابته على حمى المدينة ومراعيها، ونهبوا بعض مواشيها وإبلها، وعلى إثر ذلك خرج الرسول -صلى الله عليه وسلم- في سبعين من أصحابه من المهاجرين لمطاردتهم، وتعقب آثارهم، لتأديبهم واستعادة المواشي والإبل التي نهبوها.

غزوة بدر الكبرى كانت في رمضان من السنة الثانية للهجرة، وجرت المعركة في يوم الجمعة، السابع عشر من رمضان، وهو أول رمضان يفرض فيه الصيام، وهي أول مواجهة عسكرية حاسمة بين المسلمين ومشركي مكة، وأهم انتصار في تاريخ الإسلام العسكري على الإطلاق

وتسمى هذه الغزوة أيضًا بـ"غزوة سفوان"، نسبة إلى الوادي الذي انتهت عنده عملية المطاردة تلك، وهو وادي سَفَوَان، وهو وادٍ قريب من بدر، حيث لم يدرك الرسول -صلى الله عليه وسلم- والمسلمون ذلك البدوي الغادر وعصابته، وعادوا دون قتال، وإن كانوا قد أبعدوا جدًا في عملية المطاردة حتى بلغوا بدرًا، المكان المعروف، ليسمع بهم الأعراب، فيهابوهم ولا يتعدوا على حماهم، وحتى لا تسول لهذا البدوي الغادر نفسه بتكرار فعلته الشنيعة هذه مرة أخرى.. وقد كان.

غزوة بدر الكبرى:

وكانت في رمضان من السنة الثانية للهجرة، وجرت المعركة في يوم الجمعة، السابع عشر من رمضان، وهو أول رمضان يفرض فيه الصيام، وهي أول مواجهة عسكرية حاسمة بين المسلمين ومشركي مكة، وأهم انتصار في تاريخ الإسلام العسكري على الإطلاق.

إعلان

وتحتل موقع الصدارة في سلسلة مغازي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والمسلمين، منذ وطئت أقدامهم المدينة، وهي أول انتصار للحق على الباطل، وهي يوم الفرقان الذي فرّق الله فيه بين الإسلام والكفر، وقصم فيه ظهر الوثنية والشرك في جزيرة العرب، فقد قُتِل يومئذ سادة قريش ورؤوس الكفر والطغيان في مكة، وهي غزوة نزلت فيها العديد من الآيات القرآنية، وذكرت باسمها صراحة فيها، تنويهًا بفضلها وأهميتها، وأبلى فيها المسلمون أحسن البلاء دفاعًا عن عقيدتهم، وامتزجت فيها دماء المهاجرين والأنصار، وتخلصوا من ضعفهم وخوفهم إلى الأبد، وعلت كلمتهم بين قبائل العرب.

وتضمنت هذه الغزوة العديد من المعجزات الباهرة، والكثير من الدروس والعبر، التي لا غنى للمسلمين عنها في كل عصر وفي كل مصر. وقد وُصفت هذه الغزوة بالكبرى، ليس فقط لأهميتها الكبرى، ودلالتها العظمى في تاريخ الدعوة الإسلامية، إنما أيضًا لتمييزها عن غيرها من الغزوات التي غزاها الرسول -صلى الله عليه وسلم-، والتي كان بدر مسرحًا أو ساحة لها، وإن كانت تلك الغزوات لا تقارن بها من حيث الأهمية والأحداث والنتائج، وذلك كغزوة بدر الأولى المذكورة آنفًا، وكغزوة بدر الصغرى التي سيتم ذكرها لاحقًا.

غزوة بدر الصغرى:

وكانت في ذي القعدة من السنة الرابعة للهجرة، بعد مضي عام واحد على غزوة أحد، وسميت بهذا الاسم تمييزًا لها عن غزوة بدر الكبرى آنفة الذكر، وتسمى أيضًا غزوة بدر الآخرة، كما تسمى كذلك بغزوة "بدر الموعد"، وهو الموعد الذي ضربه أبو سفيان -رأس قريش- في أعقاب غزوة أحد، على سبيل التحدي، عندما قال: "يوم بيوم بدر، والموعد العام المقبل ببدر".

فقد خرج النبي -صلى الله عليه وسلم- لمقابلة أبي سفيان وكفّار قريش، على رأس ألف وخمسمائة مقاتل. وما كان المسلمون بقيادة النبي -صلى الله عليه وسلم- ليتخلفوا عن الموعد، ويحجموا عن المواجهة، وقد تحداهم أبو سفيان بن حرب، زعيم قريش. ولكن المدهش أن أبا سفيان (المتحدي)، كان هو الذي تخلف عن الموعد، وأحجم عن المواجهة المرتقبة.

إعلان

فإنه بعد أن خرج من مكة على رأس ألفي مقاتل من قريش لم يلبث أن عاد أدراجه إليها مسرعًا من مر الظهران، بدعوى أن العام عام جدبٍ، بينما واصل المسلمون سيرهم إلى ماء بدر (ساحة التحدي)، ومكثوا فيه ثمانية أيام ينتظرون مقدم مشركي مكة، ولما لم يصلوا عادوا إلى المدينة، بعد أن كفاهم الله القتال، وبعد أن حققوا نصرًا معنويًا مهمًا، استعادوا من خلاله هيبتهم بين قبائل العرب عامة، واليهود والمنافقين في المدينة خاصة، بعد المحن الذي تعرضوا لها في يوم أحد، وما بعد أحد، كحادثتي يوم الرجيع ويوم بئر معونة، الغادرتين الدمويتين.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.


إعلان