كلمة "قانون" ليست عربية الأصل كما يعتقد البعض في وقتنا الحاضر؛ بل هي دخيلة معربة عن الأصل الرومي أو الفارسي، أو السرياني، أو العبري. والمتفق عليه عند أغلب أهل الفقه أنها معربة عن الأصل اليوناني (Kanun)؛ حيث انتقلت بأصلها إلى لغتنا العريقة.
القانون لغة "مقياس كل شيء"، ولذلك يطلق لفظ القانون على كل قاعدة مطردة تفيد التكرار والاستمرار والاستقرار والانتظام، وسير الأمور وفق نظام ثابت على نسق مستقيم ووتيرة واحدة
ويقصد بكلمة "قانون" -وفق الاصطلاح اليوناني- العصا أو المسطرة المستقيمة، والتركيز ينصبّ على مفهوم الاستقامة لا العصا أو المسطرة، وهذا ما يفسر انتقال كلمة "المستقيم" كتعبير عن القانون إلى اللغات الأخرى، ففي الفرنسية يقال (Droit)، والإيطالية (Driritto)، والألمانية (Recht)، وجميعها تعني الاستقامة؛ واليونان كانت تستعمل هذا اللفظ مجازًا -القانون (Kanun)، الذي يعني الاستقامة- للإشارة إلى التشريع أو النظام. ويؤكد ما سبق موقف المشرع المغربي؛ حيث لا يزال متأثرًا بهذه الفكرة، إذ يطلق الأخير على قوانينه لفظ المسطرة، فيقال مسطرة القانون المدني.
المعنى اللغوي لكلمة القانون
القانون لغة "مقياس كل شيء"، ولذلك يطلق لفظ القانون على كل قاعدة مطردة تفيد التكرار والاستمرار والاستقرار والانتظام، وسير الأمور وفق نظام ثابت على نسق مستقيم ووتيرة واحدة، فيقال مثلًا "قانون العرض والطلب"، أو "قانون الجاذبية"، أو "قانون الطفو".
نخلص إلى أن لفظ القانون يقصد به النظام، وما سبق يفسر اتجاه المشرع السعودي المتفرد من بين دول الخليج إلى استبدال مصطلح النظام بالقانون، فيقال "النظام السعودي" وليس "القانون السعودي".. ولا مانع من قول ذلك.
يجب التمييز بين المعنى العام للقانون، والمعنى الخاص؛ فالأول يشمل جميع القواعد القانونية بغض النظر عن مصدرها، في حين يدل الثاني على القواعد القانونية التي تصدر من السلطة المختصة بسن القوانين
المعنى الاصطلاحي لكلمة القانون
تجدر الإشارة إلى أن المعنى الاصطلاحي لكلمة "القانون" يتسع وينكمش بحسب السياق الذي يستعمل فيه، ومن ثم فإن لكلمة القانون معاني متعددة تتباين بحسب سياقها:
- المعنى العام (القانون):
يقصد بالقانون -وفقًا للمفهوم العام- مجموعة القواعد المجردة في فرضها، العامة أحكامها، الملزمة، التي تنظم سلوك الأفراد في المجتمع من خلال الجزاء الذي توقعه السلطة العامة عند الحاجة، وهذا المفهوم هو الذي يعنينا في دراسة نظرية القانون؛ حيث يشتمل على الخصائص التي تتكون منها القاعدة القانونية. وهي ثلاث خصائص: التجريد والعمومية، والإلزام، والاجتماعية.
- المعنى الخاص (التشريع):
هو معنى أكثر تقيدًا من سابقه، إذ إنه يقتصر على مجموعة القواعد التي تصدر من السلطة التشريعية لتنظيم أمر معين، فيقال لها "التشريع"، والأخير يعد المصدر الأول الذي يرجع إليه القاضي في حال نشوء أي نزاع. فيقال القانون رقم (22) لسنة 2004، والقانون رقم (27) لسنة 2006.
التقنين هو مجموعة القواعد -المواد أو النصوص- التي تنظم فرعًا معينًا من فروع القانون دون غيره
لذلك يجب التمييز بين المعنى العام للقانون، والمعنى الخاص؛ فالأول يشمل جميع القواعد القانونية بغض النظر عن مصدرها، في حين يدل الثاني على القواعد القانونية التي تصدر من السلطة المختصة بسن القوانين -وهي مجلس الشورى بحسب الأصل- وذلك لتنظيم موضوع معين، ويعد مصدرًا من مصادر القانون؛ فالمعنى الخاص يعد جزءًا من المعنى العام.
بجانب لفظ "التشريع" يوجد لفظ آخر يثير اللبس وهو "التقنين"، فقد يظن البعض أن "القانون" و"التشريع" و"التقنين" مصطلحات مترادفة، وهذا كلام خطأ. فما المقصود بالتقنين إذًا؟
التقنين هو مجموعة القواعد -المواد أو النصوص- التي تنظم فرعًا معينًا من فروع القانون دون غيره، فيقال نصت المادة (2) من القانون المدني؛ فنجد أن لفظ القانون هنا يتمثل في التقنين، ويطلق البعض عليه لفظ "الكود".
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.