شعار قسم مدونات

صمود فلسطين درس للعالم

انتشار مقاتلي كتائب القسام في ميناء غزة استعدادا للإفراج عن أسرى إسرائيليين
الكاتب: المفاجأة كانت في عودة الأبطال مُمتشقين أسلحتهم ومُرتدين الزي العسكري مُظهرين جاهزية وسلاحًا حديثًا (الجزيرة)

في مشهدٍ دراماتيكي، ظنّ كثيرون أن المقاومة قد تلاشت في عمق الأنفاق، لكن المفاجأة كانت في عودة الأبطال، مُمتشقين أسلحتهم ومُرتدين الزي العسكري، مُظهرين جاهزية وسلاحًا حديثًا، هو ذاته الذي ظهروا به في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، حين وضعوا آخر مسمار في نعش الاحتلال.. بمظهرهم العسكري وانتشارهم الواسع، أثاروا القلق في صفوف الاحتلال.

تساؤلات مشروعة

تساؤلات عديدة طُرحت: من أين خرج هؤلاء؟ كيف صمدوا بعد الإبادة التي راح ضحيتها نحو 45 ألف فلسطيني؟ وأين وُضع الأسرى طوال هذه المدة؟

الإجابة تكمن في الروح القتالية التي تميز هؤلاء الأبطال؛ فهم جنود ربانيون يتجلّى فيهم الإيمان والعزيمة، مُؤكدين أن النصر حليف من لا يلين. لقد خطّوا التاريخ بمداد إيمانهم وإرادتهم، مُجسدين قيم النضال والكرامة.

تُظهر هذه الأحداث ضرورة إعادة النظر في مقاربات المجتمع الدولي تجاه القضية الفلسطينية، لقد أثبتت الأحداث أن الشعوب، حتى في أصعب الظروف، قادرة على إحداث الفارق، وأن قوة المقاومة ليست فقط في السلاح، بل في وحدة الصف والكلمة

انتصارات غير مسبوقة

لقد أثبت هؤلاء الأبطال أن عدالة القضية والإيمان بها أكبر من أي ترسانة عسكرية، وأن إرادة المقاومة لا تقهر، وشعب فلسطين عصي على الانكسار… على مدار 470 يومًا، حققوا انتصارًا ساحقًا ضد تحالف دولي امتد من تل أبيب إلى واشنطن، ما دفعهم للبحث عن مخرج من ورطتهم.

قدم الغزيون تضحيات غير مسبوقة من أجل حريتهم ومقدساتهم، مُغيّرين معادلات العالم، ومحققين انتصارات دولية، لم يكتفوا بتوجيه ضربات عسكرية، بل نجحوا في إنهاء النفوذ الإيراني المتسلق عليهم، وضرب عدوٍّ مخفيٍّ وآخر ظاهرٍ بضربة سياسية محكمة واحدة، تحررت على إثرها سوريا.

إعلان

انتظر العالم استسلام رجال حماس، لكن المفاجأة كانت في لحظاتٍ أثبتت أن الاحتلال هو من استسلم وتمت الصفقة، حاول الاحتلال شق صف الغزيين وفصائل المقاومة، لكنهم انقسموا، ما أسفر عن استقالات في صفوفهم، شملت وزير الأمن القومي وآخرين.

هل هو انتصار؟

لكن السؤال الأهم يبقى: أي انتصار هذا مع الدمار شبه الكلي والشهداء بالآلاف؟ لكن الحروب لا تُقاس بالخسائر، بل بالنتائج والأهداف، وبما أن إسرائيل لم تحقق أيًا من أهدافها، فهي التي خسرت الحرب واستسلمت. أما بالنسبة للخسائر، فلا تحرير للأرض بلا تضحيات، وخيار المقاومة هو الخيار الوحيد القادر على ردع الاحتلال ودحر مخططاته.

ضرورة إعادة النظر

في سياقٍ أوسع، تُظهر هذه الأحداث ضرورة إعادة النظر في مقاربات المجتمع الدولي تجاه القضية الفلسطينية، لقد أثبتت الأحداث أن الشعوب، حتى في أصعب الظروف، قادرة على إحداث الفارق، وأن قوة المقاومة ليست فقط في السلاح، بل في وحدة الصف والكلمة، وفي الوعي الجمعي الذي يتجلى في كل مظاهر الصمود والتحدي.

الشعب الفلسطيني يعكس إرادة إيمانية حقيقية لا يمكن إخمادها، ويثبت للعالم أن الكرامة لا تُشترى، بل تُكتسب من خلال النضال والصمود

رسالة للعالم

إن الرسالة التي ينبغي أن يتلقاها العالم من هذه الأحداث هي أن القضية الفلسطينية ليست مجرد نزاع إقليمي، بل هي قضية إنسانية تتطلب معالجة جذرية، وإنهاء الاحتلال.

إن الأمل في السلام لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال الاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني وبناء سلام عادل يقوم على أساس العدالة والمساواة، واستعادة الأراضي المقدسة.

إن المقاومة ليست مجرد خيار، بل هي واجب الحياة للفلسطينيين، إنهم ماضون بثبات نحو تحقيق أهدافهم، وإن النصر هو حقهم مهما كانت التحديات.

الشعب الفلسطيني يعكس إرادة إيمانية حقيقية لا يمكن إخمادها، ويثبت للعالم أن الكرامة لا تُشترى، بل تُكتسب من خلال النضال والصمود.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.


إعلان