شعار قسم مدونات

سيل جارف!

11انه لأول مرة منذ أعوام كثيرة، اختلف الحال، فالخوف والقلق من المستقبل والاكتئاب وغياب التفاؤل هي المشاعر المسيطرة
تلك الحمولة الثقيلة، التي قصمت ظهري لعدة سنوات ما كانت إلا توصيات وأحكامًا خارجة من معمل الذكورة (بيكسلز)

كانت حياتي تتدحرج من قمة جبل لا نهاية له!. انتظرت كثيرًا أن تستقر ولو في قاع الجحيم، لكنها لم تفعل؛ لذلك اضطررت أن أترك ذاتي خارجًا. كنت لا أريدها أن ترى كمية الخسائر، كما كنت أرغب في تجميع وترتيب أحجار رأسي دون أن أزعجها.

حاولت أن أتكلم معها وجهًا لوجه، فأقنعها وأغويها بالفرح الذي ينتظرنا معًا في القادم من الأيام، إلا أنها أخدت تحدق بي بحذر، ربما تشوهت بعض ملامحي فلم تصدق أنني أنا هي، وربما أصبحت تخافني لأنني كنت دائمًا قاسية معها.. حقًا لا أعرف!

خاطرت بطلب موعد منها، لأنني لم أعد أريد أن أضرب "البرذعة وأترك الحمار"، ولأنه حان الوقت حتى أسمي لها الأشياء بأسمائها، وأُنزل عن ظهري ما يجعلني غير قادرة على حمله أكثر.

في البداية، كنت أعتقد أنني مثقلة بأشياء يصعب عليَّ تحديدها بدقة، هذا كان قبل أن أدخل معها في حديث طال تأجيله كثيرًا بتحريض من الخوف، وأكتشف أن تلك الحمولة الثقيلة، التي قصمت ظهري لعدة سنوات، ما كانت إلا توصيات وأحكامًا خارجة من معمل الذكورة.

رميت كل المخاوف التي تكبلني، المعتقدات التي تقص لساني، والعار الذي لا يكف عن تكميم أفواه الفرح بداخلي.. أرسلت برقية وداع للتشاؤم الذي بات يسكنني، ثم صنعت من الحلم جسرًا للعبور إلى بر الأمان

أخرجت بمساعدتها كل آلامي المكدسة بكل ما فيها من فزع، أحسست للوهلة الأولى أنني أريد أن أتقيأ، لكنني تمالكت نفسي أمامها حتى لا أخيفها أكثر، حاولت أن أفكك الغضب الذي يغلي بداخلي منذ طفولتي، التي لم أستطع أن أتفوه فيها بـ"لا"، فأقول "لا للتحرش"، "لا للتنمر"، "لا للمقارنة".

إعلان

رميت كل المخاوف التي تكبلني، المعتقدات التي تقص لساني، والعار الذي لا يكف عن تكميم أفواه الفرح بداخلي.. أرسلت برقية وداع للتشاؤم الذي بات يسكنني، ثم صنعت من الحلم جسرًا للعبور إلى بر الأمان.

أعرف أنك انتظرتِ كثيرًا هذا اليوم الذي سأحتضنك فيه مع حقيقتك الخالية من مساحيق التجميل؛ وأمتن لك أولًا لأنك تعلمت التنفس تحت ماء نهر الانتظار، وأرجع لك الدهشة التي سرقت من عيون طفولتك في وضح النهار، وأكف عن الظهور بصورة لا تعكس طبيعتي الداخلية؛ فأقتل كل ما من المفترض أن أكونه لأرضيهم، وأدفنه دون أن يرمش لي جفن، وأختبر مشاعر أخرى غير الخذلان واليأس، ولا أخلف مواعيدي مع الفرح ومعك.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.


إعلان