أحمد، طالب في المرحلة الثانوية، مولع بالألعاب الإلكترونية، قام بتحميل لعبة جديدة وجذابة من موقع غير موثوق به، وعندما حاول فتح اللعبة طُلب منه إدخال معلومات حساسة عن بطاقة الائتمان، ودون تفكير قام أحمد بإدخال المعلومات المطلوبة، ولكنه اكتشف بعد ذلك سرقة مبلغ كبير من حسابه البنكي!
ما أكثر القصص المؤسفة التي تتردد حول الجرائم الإلكترونية، وما ينتج عنها من سرقة وابتزاز وتنمر، وقرصنة ونشر شائعات، وغير ذلك!. فما هي الجرائم الإلكترونية؟ وما هو تأثيرها على المراهقين؟ وكيف نحميهم من الوقوع في براثنها؟.. أسئلة كثيرة نحاول إلقاء الضوء على إجاباتها في هذا المقال.
هناك العديد من الطرق التي يرتكب المجرمون من خلالها جرائمهم، ومن أبرزها الاتصال بالضحايا هاتفيًّا أو عبر البريد الإلكتروني، لطلب معلومات حسّاسة؛ بحجة كونهم من مؤسسات مالية أو تقنية موثوقة
بدايةً، أصبحت الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، وصاحب ذلك ظهور مخاطر جديدة تهدد أمن وسلامة شبابنا؛ فبينما يوفر الإنترنت عالمًا بلا حدود من المعرفة والترفيه، فإنه يشكل أيضًا بيئة خصبة للجرائم الإلكترونية التي تستهدف بوحشية عقول وأرواح أبنائنا.
والجريمة الإلكترونية، هي أي نشاط إجرامي يتم ارتكابه باستخدام الأجهزة الإلكترونية أو شبكة الإنترنت، بما في ذلك: سرقة المعلومات والبيانات الخاصة، الاحتيال، التحرش الإلكتروني، التهديد والابتزاز الإلكتروني، القرصنة واختراق أنظمة الكمبيوتر أو الشبكات، نشر البرامج، نشر الفيروسات أو البرامج التي تضر بالأجهزة، انتحال هوية أشخاص آخرين لارتكاب جرائم. وتحدث الجرائم الإلكترونية من خلال استغلال نقاط ضعف المستخدمين، واستخدام مجموعة من الحيل والتقنيات لخداع الضحايا، وسرقة معلوماتهم، أو السيطرة على أجهزتهم.
هناك العديد من الطرق التي يرتكب المجرمون من خلالها جرائمهم، ومن أبرزها الاتصال بالضحايا هاتفيًّا أو عبر البريد الإلكتروني، لطلب معلومات حسّاسة؛ بحجة كونهم من مؤسسات مالية أو تقنية موثوقة، أو إنشاء مواقع ويب مزيفة تشبه مواقع شركات معروفة، لجذب الضحايا والحصول على معلوماتهم الشخصية.
ومن بين وسائل الاحتيال أيضًا إرسال رسائل إلكترونية أو نصية مزيفة، تبدو وكأنها صادرة من مصدر موثوق به، مثل البنوك أو شركات التكنولوجيا، تحث المستخدم على النقر على روابط، أو تحميل مرفقات تحتوي على برامج ضارّة.
وأحد أخطر أنواع الجرائم الإلكترونية التي تستهدف المراهقين هو الابتزاز الإلكتروني، حيث يتم استدراجهم إلى مشاركة صور أو مقاطع فيديو خاصة بهم، ثم تهديدهم بنشرها إذا لم يدفعوا فدية أو ينفذوا طلبات معينة، وهذه الجرائم تترك آثارًا نفسية عميقة على الضحايا، وقد تدفعهم إلى اتخاذ قرارات متهورة مثل الانتحار.
يترك التعرض للجرائم الإلكترونية أيضًا آثارًا سلبية تتمثل في فقدان الثقة بالنفس، والخوف والقلق، والصعوبة في تكوين العلاقات الاجتماعية، وقد يتطور الأمر إلى استغلال المراهقين للقيام بعمليات إجرامية عبر الإنترنت
إضافةً إلى ذلك، يتعرض المراهقون إلى مختلف أشكال التحرش الإلكتروني، بما في ذلك الرسائل المسيئة والتهديدات والتنمر عبر الإنترنت، وهذا النوع من التحرش يؤثر سلبًا على الصحة النفسية للمراهق، وقد يؤدي إلى إصابته بالاكتئاب والقلق واضطرابات النوم والأكل. ناهيك عن انتشار الشائعات عن المراهقين عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وهذه الشائعات تنتشر بسرعة البرق وتدمر سمعة الضحايا، وتؤثر على علاقاتهم الاجتماعية.
يستغلّ المجرمون أيضًا معلومات المراهقين الشخصيّة لسرقة هوياتهم والقيام بعمليات الاحتيال، وهذا النوع من الجرائم يؤثّر على مستقبل الضحايا، ويجعلهم يواجهون المشكلات القانونية والمالية.
يترك التعرض للجرائم الإلكترونية أيضًا آثارًا سلبية تتمثل في فقدان الثقة بالنفس، والخوف والقلق، والصعوبة في تكوين العلاقات الاجتماعية، وقد يتطور الأمر إلى استغلال المراهقين أنفسهم للقيام بعمليات إجرامية عبر الإنترنت، أو تعريضهم لمحتوى غير لائق أو عنيف أو إباحي، ما يؤثر سلبًا على تكوينهم الأخلاقي.
والمراهقون هم أكثر الضحايا استهدافًا من الجرائم الإلكترونية، لعدة أسباب تتعلق بخصائصهم النفسية والسلوكية، وطبيعة استخدامهم للتكنولوجيا، فأكثرهم يفتقر إلى الخبرة الكافية في التعامل مع الإنترنت، مع الطبيعة الفضولية التي تدفعهم إلى اكتشاف أشياء، وتجريب تقنيات جديدة، ما يجعلهم أكثر عرضةً للسقوط في الفخاخ الإلكترونية.
يثق المراهقون كذلك بشكل زائد في الغرباء عبر شبكة الإنترنت، ويعتقدون بنواياهم الحسنة، وفي ذات الوقت لا يمتلكون الوعي الكافي بالمخاطر التي قد يتعرضون لها أثناء استخدام الإنترنت، وقد يركز البعض منهم على المكافآت والجوائز الفورية، دون التفكير في العواقب طويلة الأجل.
من المهم وضع العوامل المذكورة سابقًا في الاعتبار، وتوعية المراهقين بمخاطر شبكة الإنترنت، وتزويدهم بالمهارات اللازمة لحماية أنفسهم، إضافةً إلى دور الأسرة والمدرسة في توفير بيئة آمنة وداعمة.
للأسرة دورًا كبيرًا في حماية المراهقين من مخاطر الجرائم الإلكترونية، فهي خط الدفاع الأول والأهم، وذلك من خلال وضع التدابير اللازمة. وعلى الآباء أن يتذكروا أن الهدف من هذه التدابير هو حماية الأبناء وليس تقييدهم
وللوقاية من الوقوع في فخ الجرائم الإلكترونية، ينبغي على المراهق التعامل بحذر مع شبكة الإنترنت، وتبني عادات آمنة لحماية نفسه وأسرته، ومن ذلك عدم الضغط على روابط مشبوهة، أو فتح أي مرفقات تصل من مصادر غير معروفة، أو استخدام شبكات الواي فاي العامة وغير المشفرة.
ينصح المتخصصون أيضًا بضرورة تحديث برامج الحماية باستمرار، واستخدام كلمات مرور قوية وفريدة لكل حساب، والتحقق من صحة عنوان URL للموقع قبل إدخال المعلومات الشخصية.
كما أن للأسرة دورًا كبيرًا في حماية المراهقين من مخاطر الجرائم الإلكترونية، فهي خط الدفاع الأول والأهم، وذلك من خلال وضع التدابير اللازمة. وعلى الآباء أن يتذكروا أن الهدف من هذه التدابير هو حماية الأبناء وليس تقييدهم، وبالتالي ينبغي إحداث التوازن بين الحماية والحرية، وأن تكون العلاقات بين الآباء والأبناء مبنية على الثقة والاحترام المتبادل.
ولا يمكننا كذلك أن نغفل دور المؤسسات التعليمية والقانون في مواجهة مخاطر الجرائم الإلكترونية، رغم وجود العديد من التحديات التي تتمثل في التطور السريع الذي تشهده التكنولوجيا، ويجعل من الصعب مواجهة أحدث أساليب الجرائم الإلكترونية، والتي تمتد عبر الحدود، ما يتطلب تعاونًا دوليًّا واسع النطاق.
في النهاية، لا تنتظر حتى يصبح أبناؤك ضحيةً للجرائم الإلكترونية، فقد حان الوقت لاتخاذ إجراءات وقائية لحماية نفسك وعائلتك، من خلال تعلم المزيد من أحدث أساليب الاحتيال الإلكتروني، ومشاركة هذه المعلومات مع من حولك لنبني مجتمعًا أكثر وعيًّا.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.