شعار قسم مدونات

هل تتغير المعادلات الإقليمية بعد غزة؟

صورة عامة - كيف يواجه سكان شمالي غزة محاولات تهجيرهم
أدى العدوان الإسرائيلي الأخير إلى تدهور الوضع الإنساني بشكل كارثي في غزة (الجزيرة)

تشهد المنطقة العربية، لا سيما غزة، تصعيدًا غير مسبوق في الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، ما أسفر عن سقوط آلاف الضحايا الفلسطينيين.. هذه الأحداث المأساوية أثارت تساؤلات ملحة حول مستقبل المنطقة وتأثير القوى الفاعلة فيها.

لقد أدى العدوان الإسرائيلي الأخير إلى تدهور الوضع الإنساني بشكل كارثي، وتأزُّم الوضع السياسي. وارتفاعُ أعداد الضحايا وتدمير البنية التحتية يفرضان ضرورة البحث عن حلول واقعية ودائمة، إلا أن الواقع على الأرض يتجه نحو مزيد من التصعيد في ظل التعنت الإسرائيلي، وقد أدى عنف الاحتلال المفرط إلى تغيرات جذرية في الفكر السياسي الفلسطيني، ولم يعد من الممكن العودة إلى السياقات السياسية السابقة، ما يشير إلى أن المستقبل سيكون مختلفًا بشكل جذري.

من الواضح أن فكرة "القبول بالحد الأدنى" وسياسة الترضيات لم تعد قائمة في قاموس المنطقة.. ومع ارتفاع التوترات، يبدو أن خيار حل الدولتين، الذي كان يعتبر السبيل الأمثل لإنهاء الصراع، أصبح بعيد المنال

تتصدر حماس المشهد السياسي والعسكري الفلسطيني اليوم، بفضل مقاومتها المسلحة ضد الاحتلال الإسرائيلي، وأصبحت قوة لا يمكن تجاهلها في أي تسوية مستقبلية. بالمقابل، يتمتع "حزب الله" بنفوذ كبير في لبنان والمنطقة، مستفيدًا من الدعم العسكري والمالي من إيران، ويستمر الحزب في تقديم الدعم والمساندة للفصائل الفلسطينية، ما يعزز من دوره في الصراع والتسويات المستقبلية.

إعلان

وتعد إيران من أبرز الداعمين لحماس والفصائل الفلسطينية، وهي تبرّر دعمها بالواجب الديني والأخلاقي تجاه الفلسطينيين، وتسعى إلى تعزيز مكانتها كقوة إقليمية، ما يثير قلق العديد من الدول العربية التي ترى في النفوذ الإيراني تهديدًا لاستقرارها ومصالحها.

من الواضح أن فكرة "القبول بالحد الأدنى" وسياسة الترضيات لم تعد قائمة في قاموس المنطقة.. ومع ارتفاع التوترات، يبدو أن خيار حل الدولتين، الذي كان يعتبر السبيل الأمثل لإنهاء الصراع، أصبح بعيد المنال؛ فالدماء التي أريقت في غزة لن تسمح بعودة الأمور إلى ما كانت عليه، وستدفع نحو مزيد من التصعيد والمواجهة.

لا شك أن التصعيد في غزة أثر سلبًا على الاستقرار الإقليمي؛ فقد أدى العنف إلى اهتزاز الثقة في قدرة القادة الدوليين على تحقيق السلام والاستقرار، وأثارَ المخاوف بشأن تأمين الملاحة البحرية، والتورُّط في صراعات أكبر لا تحمد عقباها. وعلى الجانب الآخر، تواجه الدول العربية تحديات كبيرة بسبب النفوذ الخارجي والضغوط الدولية.

الحلول التقليدية لم تعد صالحة، والمنطقة بحاجة إلى نهج جديد وشجاع. لا يمكن تحقيق "السلام" المزعوم إلا من خلال الاعتراف بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني

تواجه المنطقة منعطفًا حاسمًا بعد الأحداث الأخيرة في غزة.. وقد أثبت التاريخ مرارًا وتكرارًا أن الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي ليس مجرد نزاع إقليمي، بل هو قضية تهم العالم بأسره. والدماء التي سالت في غزة لن تمر دون أن تترك آثارًا عميقة، سواء على مستوى السياسة المحلية أو العلاقات الدولية.

إنّ الحلول التقليدية لم تعد صالحة، والمنطقة بحاجة إلى نهج جديد وشجاع. لا يمكن تحقيق "السلام" المزعوم إلا من خلال الاعتراف بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وعلى المجتمع الدولي أن يلعب دورًا أكبر في تحقيق هذا الهدف، بدلًا من الاكتفاء بالتصريحات الجوفاء.

والدعم الدولي الصادق والشامل قد يكون العامل الحاسم في تحويل مسار الأحداث نحو مستقبل أكثر استقرارًا وعدلًا في المنطقة.. وإن فشل المجتمع الدولي في الاستجابة بشكل فعال لهذه التحديات سيؤدي إلى استمرار النزاعات وتأجيجها، ما يجعل من الضروري التحلي بالحكمة والحنكة في مواجهة المستقبل.

إعلان

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.


إعلان