شعار قسم مدونات

نحو اقتصاد تفاعلي ناضج!

صور خاصة من مقر منتدى سان بطرسبورغ الاقتصادي الدولي
تتسابق العقول الناضجة في كلّ دولة لتحدّد العوامل الأقوى لاقتصادها من أجل صناعة عوامل القوّة فيه (الجزيرة)

تتعدّد مسارات التحدي لمجتمعاتنا في هذه الأيام، لتطال مجالات الحياة المتنوعة؛ وتتكاثف الظروف القاسية على الفرد في المجتمعات لتشكّل ابتلاءات صعبة وقاسية، تحطّم صخور الصبر لديه، وتكشّر عن أنيابها لتفجّر الروتين اليومي له في جانب متطلبات الحياة وأساسياتها؛ بل وقد تتغير أنماط الاستهلاك اليومي لديه كفرد، فضلًا عن التغيير الشامل للمجتمعات بالنوازل الكبرى التي تطالها.

إنّ صناعة مخطط واضح، وهيكلية قابلة للحياة تتمتع بالنضج والمرونة والعقلانية وملاءمة الواقع؛ يعني ذلك بالضرورة وقف هدر المال العام، ووقف هجرة العقول البشرية، وتحقيق النهضة والتنمية على أرض الواقع

وممّا لا شكّ فيه أنّ الاقتصاد الناشط هو الدلالة الحيّة على حياة المجتمع، وقابليته للاستمرارية، وهو أهمّ عوامل الأمن القوميّ لأية دولة، فالدول اليومَ تخصّص أعلى ميزانياتها لتفعيل نقاط القوة لديها في المجال الاقتصادي، لتعزز من حضورها في الساحات الإقليميّة والدوليّة، وبناء مستقبلها وفق ما تمتلكه من قدرات بشرية ومادية وبنية تحتية.

من هذا المنطلق، تتسابق العقول الناضجة في كلّ دولة لتحدّد العوامل الأقوى لاقتصادها؛ من أجل صناعة عوامل القوّة فيه، في مجالاته المختلفة، فالاقتصاد بمعناه الأشمل يحتضن الزراعة والصناعة والسياحة والتعدين، ونحوها من المسارات الحيوية الأخرى، والتي تشكّل الموارد الأهم للمجتمع، والناتج الحاصل منها هو الأكبر والأقوى أثرًا.

إعلان

بهذه النظرة الشمولية، وهذا المفهوم الكلّي للاقتصاد، يمكن لنا أن نضع خريطة طريق حقيقيّة، تبدأ بالمؤسسات الرسمية والحكومية، وتنتهي بالفرد العامل مهما اختلف مجال عمله، ولعلّ المشكلة الجامعة التي تطال كل هذه الجوانب هي افتقاد الخطة الإستراتيجية التي تضبط العمل لهذه المرتكزات الأساسية؛ بما يضمن تأمين الموارد، والطّاقات البشرية، والبنية التحتية، وسلاسل التوريد والإمداد، والموادّ الخام، وانتهاءً بتعزيز مصادر الدخل للفرد العامل فيها.

التعامل مع الاحتياجات المجتمعية أمر يتقنه العقلاء، ويتفاعل معه أصحاب العقول الإيجابيّة، وهو بالتالي رسالة من النخب المثقفة والعلماء والمبادرين في كل مجتمع إلى طبقاته وفئاته، بأن صناعة النجاح ممكنة

إنّ صناعة مخطط واضح، وهيكلية قابلة للحياة تتمتع بالنضج والمرونة والعقلانية وملاءمة الواقع؛ يعني ذلك بالضرورة وقف هدر المال العام، ووقف هجرة العقول البشرية، وتحقيق النهضة والتنمية على أرض الواقع، والتجديد والابتكار في مجال بناء روافد جديدة تصبّ في نهر الاقتصاد العام.

دعوني هنا أطرح مثالين على سبيل الذكر لا الحصر: الثروة السمكية وتعزيز العمل البيطري وتدعيمه، هما مجالان يشكلان رافعة حقيقية في سبيل تأمين السلّة الغذائيّة للمجتمع في ظل الأزمات الاقتصادية، وهما في الوقت ذاته سبيل لتشغيل الأيادي العاملة، ودرب لزيادة الرفاهية للفرد، من خلال زيادة دخله الشهري، والاهتمام الحقيقي بهما يعني انتشارًا واسعًا للمشاريع التنموية المتوسطة والصغيرة، والتي بدورها تعني ميلاد الطبقة الوسطى في المجتمع، التي هي أساس التنمية والنهضة، واحتضان العدد الأكبر من العاطلين عن العمل، بما يعني القضاء على الفقر والبطالة معًا، وفتح نافذة جديدة للأمل بالمستقبل.

إنَّ التعامل مع الاحتياجات المجتمعية أمر يتقنه العقلاء، ويتفاعل معه أصحاب العقول الإيجابيّة، وهو بالتالي رسالة من النخب المثقفة والعلماء والمبادرين في كل مجتمع إلى طبقاته وفئاته، بأن صناعة النجاح ممكنة، وأن تفعيل أدوات النهضة -بكل جوانبها- واستثمارها الحقيقي يعني كل شيء في المستقبل، بما في ذلك صقل العقول الشبابية في ميادين صناعة مستقبلها بكل ثقة واتزان.

إعلان

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.


إعلان