ناصر رجال الحركة الوطنية وقادة الفكر والقلم فيها القضية الفلسطينية مساندة غير مشروطة، بالدعم العيني والمادي والنفسي، وبالكتابة والشعر والتعبير الحر، بالمقالات والبيانات والبلاغات، في المؤتمرات والتجمعات والتظاهرات، في الداخل والخارج، منذ أن وعت الحركة الوطنية المغربية الأصيلة حجم التواطؤ الإجرامي، بين الانتداب البريطاني وسياسات العالم الحر بعد الحرب العالمية الثانية، وبين الحركة الصهيونية، وأدركت طبيعة التهديدات التي كانت تحيط بالمنطقة العربية، وفي القلب منها فلسطين.
كما كان لمشاهد التعاون والاعتراف الأوروبي، شرقًا وغربًا، بالكيان الصهيوني غداة الإعلان عن تأسيسه، في مايو/ أيار 1948، الأثر النفسي والروحي والسياسي البالغ على قيادات العمل الوطني بالمغرب، لما رأوا فيه من تهافت دعاة الحرية والعدل والمساواة على الاعتراف بكيان مزروع بدعم بريطاني ثم أميركي كامل، فانتهضت هممهم للتعريف بمأساة الشعب الفلسطيني والنضال من أجل حقوقه المشروعة. كما كان لبطولات وصمود الفلسطينيين والمقدسيين ضد القوات الإسرائيلية الغاشمة أثر كبير في مواصلة دعم الفلسطينيين والتعريف بقضيتهم.
ومن بين أولئك الرواد الوطنيين الذين ضربوا بسهم وافر في الدفاع عن القضية الفلسطينية، والتعريف بها وبرموزها وقادة المقاومة؛ الأستاذ أبو بكر القادري، عضو أكاديمية المملكة المغربية، وأحد قادة حزب الاستقلال، احتك بالقضية الفلسطينية منذ شبابه، وتعرف إلى كثير من قادة الثورة الفلسطينية ورموزها العلمية والسياسية. وهنا؛ نقدم كتابه "فلسطينيات"، الصادر في طبعته الأولى سنة 2005.
في مقال آخر يجدد التأكيد على قيمة "الوحدة الوطنية"، باعتبارها هدفًا أساسيًا للثورة الفلسطينية منذ انطلاقتها، وحدة تعني في شموليتها "جميع المنظمات الشعبية، سواء منها السياسية أو النقابية أو الطلابية أو المهنية"
توثيق الأحداث وتسجيل وقائع الثوابت والمتغيرات
من مميزات هذا الكتاب أنه شاهد على "متغيرات" عصفت بالقضية الفلسطينية، وبمواقف قادتها وسياسييها، وخط المساومة والمسالمة الذي انتهجوه بعد اتفاقية أوسلو، بحيث يطلع القارئ على مقالات ومواقف وبيانات (وقع التراجع عن بعضها نظرًا للظروف التي تغيرت، والسياسات التي تبدلت) (نفسه، ص: 11). ويقدم فيه كاتبه حصيلة ما دونه من مقالات ومشاركات، وما ألقاه من خطب أو "تعليقات على ما شاركت فيه من مؤتمرات" (نفسه، ص:11).
فأولى الوثائق التي يوردها صاحبها -شهادة على تعبير من تعابير الدعوة والنصرة لفلسطين- رسالة كان بعث بها إلى الملك الحسن الثاني، غداة إرسال المغرب تجريدتين عسكريتين للمشاركة في الدفاع عن سوريا، و"تقوية صفوف المناضلين الفلسطينيين" (نفسه، ص: 14)، وقعها نيابة عن اللجنة المركزية للجمعية المغربية لمساندة الكفاح الفلسطيني.
تليها سلسلة مقالات في مواضيع وقضايا تشكل للباحثين المعاصرين مادة أرشيفية، من قبيل مقالته عن "الوحدة في الفكر والعمل هي طريق الخلاص" (نفسه، ص: 15)، تعليقًا منه على مخرجات الدورة السادسة عشرة للمجلس الوطني الفلسطيني، التي انعقدت في الجزائر العاصمة من 14 إلى 22 فبراير/ شباط 1983، اعتبر فيها أن من أهم الواجبات الفلسطينية، الملقاة على القادة الفلسطينيين والعرب أجمعين، الحرص على "وحدة القرار الفلسطيني، ووحدة مواجهة العدو، ووحدة العمل العربي، ووحدة المقاومة الفلسطينية" (نفسه، ص: 17) إذا ما أرادوا مواجهة مخططات إسرائيل اللعينة، على حد تعبيره.
كذلك كان مقاله "حان الوقت لإعطاء الشعب الفلسطيني كامل حقوقه"، تفاعلًا منه مع مواقف الدول بعد حرب الخليج، والتي حثت المنتظم الدولي على إيجاد حل للقضية الفلسطينية، لكون المشكل الذي "يعاني منه الشرق الأوسط هو المشكل الفلسطيني" (نفسه، ص: 21)، ولا حل له -على ما أبدته التحولات- إلا التحرير التام والكامل لفلسطين.
وفي مقال آخر يجدد التأكيد على قيمة "الوحدة الوطنية" (نفسه، ص: 24)، باعتبارها هدفًا أساسيًا للثورة الفلسطينية منذ انطلاقتها، وحدة تعني في شموليتها "جميع المنظمات الشعبية، سواء منها السياسية أو النقابية أو الطلابية أو المهنية" (نفسه، ص: 26)، ولا تقتصر على الفصائل المسلحة فحسب.
وتعدد مقالة أخرى للكاتب جرائم الاستعمار الإنجليزي ثم الأميركي في دعم التوطن الصهيوني بأرض فلسطين، وتستطرد في ذكر مساوئ وعد بلفور، وما جره على المنطقة من ويلات ونكبات، ونفور بين العرب واليهود والمستوطنين. ويعود أصل هذه المقالة التي ضمنها كتابه هذا إلى خطبة رسمية، سبق أن ألقاها القادري تزامنًا مع الذكرى السادسة والخمسين لوعد جيمس بلفور المشؤوم.
وتنتقد المقالة تصريحات الرئيس الأميركي كلينتون، التي تضمنت عبارات نافية لعربية القدس، وكونها العاصمة التاريخية لفلسطين، فعقب على الكلام بقوله إن "القدس عربية، عاصمة الدولة الفلسطينية" (نفسه، ص: 27)، منبهًا إلى أن كلام بيل كلينتون لا يعد تهديدًا لقيادة فتح فقط؛ إنما يستبطن تهديدًا مباشرًا للعالم الإسلامي برمته، ويشجع إسرائيل على توسيع مستوطناتها، وتحقيق أحلامها في ضم القدس.
يقدم الكاتب حصيلة تقرير مهم عن مشاركة المغرب في التحضير لمؤتمر الأحزاب والقوى الوطنية لنصرة الثورة الفلسطينية، بصفته ممثلًا عن الجمعية المغربية لمساندة الكفاح الفلسطيني، مشاركًا في أعمال اللجان التحضيرية التي انعقدت في بيروت
الرسائل والتقارير والقرارات
صنف آخر يتضمنه الكتاب في طياته، يشمل بعض الرسائل من المؤلف وإليه، والتقارير التي أنجزها عن مؤتمرات وفعاليات هنا وهناك، وقراءات في قرارات المنظمات الشعبية والحزبية العاملة في سبيل فلسطين.
من ذلك إيراده رسالة كانت قد بعثت بها الجمعية المغربية لمساندة الكفاح الفلسطيني، بتاريخ 22 سبتمبر/ أيلول 1969، إلى ملوك ورؤساء الدول الإسلامية، أعضاء مؤتمر القمة الإسلامي، في المؤتمر الإسلامي الأول، تذكر فيها الجمعية بالحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني، وبالوقائع العصيبة التي أفرزتها حالة الاحتلال الصهيوني لفلسطين، وإرباك الحروب المتتالية لدول المنطقة. وتستغرب الجمعية في الرسالة عدم دعوة المؤتمر لمنظمة التحرير الفلسطينية، وتقول إن المجاهدين أحق "أن يتقدموا لممثلي المسلمين في أول مؤتمر إسلامي بمطالبهم، لمضاعفة الكفاح حتى يقوم المسلمون بتلبيتها"، وتوصي الجمعية بضرورة صدور قرارات عن الجلسة الختامية للمؤتمر تتضمن "إعانة المجاهدين بالمال والسلاح" (نفسه، ص: 41)، والسماح للمواطنين في الدول الإسلامية بالتطوع في سبيل تحرير فلسطين، ومقاطعة "المغتصبين الصهاينة" سياسيًا واقتصاديًا وتجاريًا ودبلوماسيًا.
ويورد الكاتب مساهمة مهمة تقدمت بها جمعية شباب النهضة الإسلامية، هي عبارة عن خطاب مفتوح إلى وزراء خارجية الدول الإسلامية المجتمعين في فاس، أواخر ستينيات القرن العشرين؛ تطالبهم بالرد على ما أسمته "أباطيل يذيعها خصوم الإسلام" (نفسه، ص: 42) للنيل منه ومن الصحوة الإسلامية، وتنتظر منهم أن تكون القرارات التي سيتخذونها إزاء ما أسمته "قضية المسلمين الأولى؛ قضية فلسطين" (نفسه، ص: 43) طبق ما تتوقعه وتتوق إليه الأمة الإسلامية من أدناها إلى أقصاها، وناشدتهم إدانة الحكام والمسؤولين الذين "مدوا أيديهم للطغاة الصهاينة"، وتفعيل قرارات "مقاطعة إسرائيل ومساعديها، مقاطعة اقتصادية وسياسية" (نفسه، ص: 44) موجعة للكيان.
ويقدم الكاتب حصيلة تقرير مهم عن مشاركة المغرب في التحضير لمؤتمر الأحزاب والقوى الوطنية لنصرة الثورة الفلسطينية، بصفته ممثلًا عن الجمعية المغربية لمساندة الكفاح الفلسطيني، مشاركًا في أعمال اللجان التحضيرية التي انعقدت في بيروت، ويبين أهم الخطوات التي تم الاتفاق عليها، ذات الصلة بنصرة الفلسطينيين.
يضاف إلى ذلك تقرير آخر خصه لأعمال الدورة الثانية للمجلس العام للجبهة العربية المشاركة للثورة الفلسطينية في الجزائر، يومي 20 و22 ديسمبر/ كانون الأول 1974، أبرز فيه جوانب من جهود النضال الميداني والسياسي للجبهة العربية، التي ضمت -حتى ذلكم التاريخ- في صفوفها "خمسين منظمة سياسية ونقابية في العالم العربي" (نفسه، ص: 55).
ومع هذا وذاك تقرير تشخيصي عن المؤتمر الرابع للقمة الإسلامية الذي احتضنته الدار البيضاء، ركز فيه على الفكرة التي كانت مدار المرافعات والحوارات والقرارات؛ إنها فكرة التضامن الإسلامي، وفي المتن منها التضامن الشعبي والرسمي بين الدول الإسلامية والعربية، لمواجهة تحديات الحروب والنزاعات مع الكيان الصهيوني، وذكر في ختامه المسؤولين والحكام بأن "يتقوا الله في الأجيال الآتية، التي ستنزعج وتفزع إذا ما قرأت ودرست أن آباءها وأجدادها كانوا يحاربون بعضهم، تاركين العدو الألد ينعم ببلادهم، ويستولي على مقدراتهم، ويدنس مقدساتهم وحرماتهم" (نفسه، ص: 49).
كان إدراكه لطبيعة الصراع بين الحضارتين الغربية والإسلامية، واهتمامه المبكر بضرورة تطوير الإعلام والتواصل العربيين، وتقدير دورهما في التعريف بالقضية الفلسطينية، وتحشيد الرأي العالمي خلف الحق الفلسطيني
الإلمام بأحوال فلسطين والاهتمام بقضايا الفلسطينيين
لا يفتأ الكاتب يسلط الضوء على جوانب حيوية وعظيمة الأهمية في الكفاح الدبلوماسي والسياسي للمقاومة الفلسطينية، تجلى ذلك في بيان قدرتها على "استقطاب العرب في المهجر لصالح الحق الفلسطيني" (نفسه، ص: 51)، من العمال والطلبة والنخب والمثقفين والفنانين والإعلاميين، وتكوين اللجان والجمعيات التضامنية في أوروبا وأميركا.
ويبدو القادري ملمًا بالأحداث والمتغيرات والسياسات الدولية، ليس فقط حين حديثه عن فلسطين أو لبنان، وهما تخوضان حربًا كفاحية ضد العدوان الإسرائيلي؛ بل يتجلى في تحليله للأوضاع العربية، ودعواته المتكررة للمنظمات الجماهيرية في العالم العربي، وتتبعه لمؤتمرات وفعاليات الأحزاب والإطارات العربية والدولية وبعض الندوات ذات الصلة بالشأن الفلسطيني، والتعليق على مخرجات وبيانات اجتماعات المجلس الوطني الفلسطيني وخطابات ياسر عرفات (ت 2004) على سبيل المثال.
وكذلك كان إدراكه لطبيعة الصراع بين الحضارتين الغربية والإسلامية، واهتمامه المبكر بضرورة تطوير الإعلام والتواصل العربيين، وتقدير دورهما في التعريف بالقضية الفلسطينية، وتحشيد الرأي العالمي خلف الحق الفلسطيني، وإلحاحه على الزعماء العرب أن "يعتمدوا على أنفسهم، ويعملوا على أن يخلقوا تيارًا عالميًا جديدًا، أو قوة عالمية ثالثة، تفرض وجودها وتخطيطاتها وآراءها، وتلزم الآخرين أن ينظروا لمواقفها واتجاهاتها نظرة التقدير والاحترام" (نفسه، ص: 74).
يضاف إلى ذلك نكيره على العالم الإسلامي صمته وتخاذله أمام ما جرى في لبنان وفلسطين من هجوم النازية الصهيونية -وهو ما يتكرر على مرأى ومسمع العالم أجمع في سنة 2024-، وغياب ما سماه "مواقف عملية، توقف المعتدين النازيين عند حدهم" (نفسه، ص: 78).
وذيل هذه الغضبة بمقال بليغ العنوان والمضمون "لنشرع في الأعمال ولننته من الأقوال" (نفسه، ص: 83)، عسى الضمير العالمي يستيقظ من غيبوبته، ليعرف حقيقة ما يقاسيه الشعب الفلسطيني النبيل. وأردفه بمقال آخر يصب في الاتجاه نفسه؛ اتخذ عنوانًا له "لنقابل التحدي بالتحدي"، ليس أقله "إخراج قضية تحرير فلسطين والقدس من الإطار الرسمي الضيق" وإدراجها في "مجال الكفاح الشعبي الواسع في العالمين العربي والإسلامي" (نفسه، ص: 89).
بمناسبة اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني؛ يذكرنا القادري بأن المغاربة لم يفوتوا فرصة إظهار مؤازرتهم للكفاح الفلسطيني ودعمهم للمقاومة
التنكير بالاحتلال الإسرائيلي والتدعيم للنضال الفلسطيني
الكتاب حافل بالمواقف الإنسانية والدينية للمؤلف تجاه قضية فلسطين، يصرفها في رسائل وتقارير ومقالات. ومواقف الرجل واضحة بينة، تناصر الكفاح الفلسطيني وتشيد بأعمال المقاومة، وتعرف بجهود المقاومين من شتى الانتماءات. وفي الآن نفسه، تندد بجرائم العدوان الإسرائيلي وتندد بالدعم الأميركي غير المشروط، والمساندة الأوروبية متعددة الأوجه؛ فلا يخفي امتعاضه من السياسات الدولية الحربائية التي عمقت جراح الفلسطينيين، ويصف إسرائيل ب"المتعنتة والمتغطرسة" (نفسه، ص: 7)، ويعتبر الفلسطينيين يناضلون منذ زمان لأجل "حقهم المغصوب ووطنهم المسلوب"، ويقر بأن "هذا الشعب لا يموت، وسيبقى دائمًا منارًا تهتدي به الأجيال، وسيصل إلى تحقيق ما يطمح إليه من عزة وكرامة مهما طال الزمان" (نفسه، ص: 10).
وبمناسبة اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني؛ يذكرنا القادري بأن المغاربة لم يفوتوا فرصة إظهار مؤازرتهم للكفاح الفلسطيني ودعمهم للمقاومة، فقد حجت جماهير غفيرة إلى مسرح محمد الخامس بالرباط في أحد أيام شهر ديسمبر/ كانون الأول من سنة 1986، لشهود مهرجان خطابي حافل، تضمن فقرات وكلمات وشعارات، أكدت حسب عبارة القادري أن المغاربة وقواهم الوطنية "حرب على كل من يعادي الشعب الفلسطيني؛ أميركا أو إسرائيل أو غيرهما" (نفسه، ص: 61)، وصدحت بالقول إن التأييد الكامل للشعب الفلسطيني "جزء لا يتجزأ من مسؤوليتنا التاريخية لتحرير القدس، وتخليص أولى القبلتين وثالث الحرمين من براثن الصهاينة" الآثمين.
استحضر قصيدة شعرية من إبداع الشاعر شيبة ماء العينين قوامها مئة بيت، بعنوان "دع الغثاء"، نظمها وألقاها بمناسبة أربعينية وفاة القائد ياسر عرفات، التي أقيمت بمسرح محمد الخامس يوم 20 ديسمبر/ كانون الأول 2004
مع الشخصيات الفلسطينية.. التفاتة برور ووفاء
ضمن السيد أبو بكر القادري كتابه هذا صفحات جعلها ناطقة بالسير الذاتية والمسارات السياسية والنضالية لأبرز الشخصيات الفلسطينية التي كان لها حضور قوي في الكفاح الفلسطيني بتعبيراته المادية والمعنوية. فبدأ بذكر سيرة الحاج أمين الحسيني (ت 1974)، أحد رموز الدفاع عن فلسطين منذ عهد الانتداب البريطاني، ومؤسس جيش الجهاد المقدس معية ابنه المقاوم عبد القادر الحسيني سنة 1947، والمفتي الأشهر للقدس الشريف، وأحد أعمدة الصمود المقدسي في الأراضي المحتلة.
وثنى بشخصية خليل الوزير أبي جهاد (ت 1988) "رجل العمليات الصعبة، رجل النضال والجهاد الجدي، ورجل التخطيط المحكم" (نفسه، ص: 143) على حد تعبير الكاتب الذي يقدم لنا صورًا ملحمية من حياة السيد خليل، على المستويات، الاجتماعي والثقافي والسياسي والنضالي، ويورد النص الكامل للكلمة التي ألقاها في أربعينية الفقيد الشهيد خليل الوزير، رحمه الله.
وجاء على سيرة القائد المجاهد خالد الحسن (ت 1994)، فعرف بخصاله، وأثنى على جهوده، وعدد واجهات نضاله من أجل القضية التي نذر حياته لها، فلم تصرفه عنها "أي عوارض أو مشاغل أو إغراءات" (نفسه، ص: 153) إلى أن أفضى إلى ربه.
ثم عرج على ذكر مسارات من حياة القائد والرئيس الراحل ياسر عرفات، الرجل الذي "لم تختلف الآراء في زعامته وقيادته ورمزيته" (نفسه، ص: 164). وأردف الحديث عن شخصية الدكتور أحمد صدقي الدجاني، أحد أعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية وعضو مجلسها المركزي، والصوت الأكاديمي المناضل بالكلمة والثقافة والسياسة عن القضية الفلسطينية. الرجل الذي نال -نظير جهوده المتنوعة لموطنه فلسطين- عضوية أكاديمية المملكة المغربية، التي عينه فيها الملك الراحل الحسن الثاني (ت 1999).
يختم القادري مؤلفه -الذي لم يخضع من قبله لا لمقدمة ولا عرض ولا خاتمة ولا فصول ولا أبواب- بإيراد مجموعة من البرقيات والمراسلات، التي تلقاها عبر مسيرته السياسية والدعوية من قبل كثير من القيادات والشخصيات العلمية والدينية والنضالية في فلسطين الأبية، وبعض المراسلات التي بعث بها هو أيضًا إلى زملاء ورفقاء درب الكفاح في فلسطين.
كما استحضر قصيدة شعرية من إبداع الشاعر شيبة ماء العينين قوامها مئة بيت، بعنوان "دع الغثاء"، نظمها وألقاها بمناسبة أربعينية وفاة القائد ياسر عرفات، التي أقيمت بمسرح محمد الخامس يوم 20 ديسمبر/ كانون الأول 2004. وعززها بقصيدة أخرى معبرة، من آخر ما كتب وألقى الشاعر المغربي الكبير محمد الحلوي (ت 2004)، وهو على فراش الموت ببيته في تطوان؛ بعنوان "غزة"، مكونة من اثنين وأربعين بيتًا.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.