في لحظات الفرح ستجد الكثيرين حولك، وفي لحظات الحزن لن تجد إلا النخبة من أولئك الكثيرين الذين كانوا يومًا ما حولك!
وتمرّ الأيام.. وقد تنسى كثيرين ممن شاركك الفرح، لكنك يستحيل أن تنسى من شاركك الألم، من سندك عندما هممت بالوقوع، من رمّمك لحظة انهيار جزء منك، من ربتَ على كتفك ودفعك إلى الأمام بكلّ قوته، من لم يذق طعم الراحة لأنك لم تشاركه إياها، من جعلك في دعائه الأول.. هو نفسه الذي نسي بعد ذلك كل ما قد فعله لك؛ ففعلُه هو جزء منه، هو ردّ فعل طبيعي من إنسان أصيل وفيّ مخلص، لم ولن ينتظر منك المقابل عليه.
تمسَّك بلحظات السعادة والفرح، واعلم أنها لن تزيد وتتكرّر إلا بإرادتك وبلمساتك الخاصة عليها، وبزركشاتك التي تحمل طابع روحك المميّز، الذي ليس له مثيل في جميع أرجاء المعمورة
لكن الواقع أنك بوجود جميع هؤلاء وهؤلاء، وفي جميع اللحظات، وخاصة الحزين منها والأليم؛ تلك التي ستجد حولك فيها نخبة البشر والنبلاء منهم فقط، فإنّه لن ينهض بك أحد إلا أنت، ولن ينتشلك من الحزن أو البؤس أو الألم، أو مما لا تريد أن تكون فيه، إلا قرار صادر منك أنت وحدك. ولن تذوب في لحظات الفرح والسرور، وتستمتع باللحظة الرائعة، إلا بقرار نابع من داخلك أنت أيضًا.
لا تنتظر أحدًا هو يقينًا لن يأتي ليصبّ في قلبك السعادة ثم يمشي، كيف تصبّ شيئًا في وعاء مغلق وتنتظر أن يمتلئ دون أن يفتحه صاحبه بقرار منه؟!. لا تنتظر أحدًا لينتشلك مما قد أغرقتك الظروف فيه، أو مما قد أغرقت أنت نفسك فيه بوعي أو بلا وعي منك، دون أن تمدّ يدك لتمسك بيده، وتنجو من الغرق الذي يلتهمك.
تمسَّك بلحظات السعادة والفرح، واعلم أنها لن تزيد وتتكرّر إلا بإرادتك وبلمساتك الخاصة عليها، وبزركشاتك التي تحمل طابع روحك المميّز، الذي ليس له مثيل في جميع أرجاء المعمورة.. تمسّك ببقايا الأمل، ولا تفرّط بها في لحظات ضعفك، فمن ذا الذي لا يمرّ بها؟ إنها سنّة الحياة!. وأطلق العنان لما تبقّى داخلك من تفاؤل ومن إيجابية علّها تسعفك في لحظات الانهيار الذي لا بدّ أن يباغتك في طريق الحياة.. ذاك الانهيار الذي لا يسمع دويّه أحد سواك، ولا يتساقط على كيان أحد سواك أيضًا.
مهما حاولوا إسعادك، فلو كان داخلك خاويًا فمحاولاتهم لن تغدو أكثر من لحظات بائسة في محاولة إحياء أرض بور، لن تغدو أكثر من أصوات تحيط بك تنبع من خارجك، تردّد ألحان السعادة لك، لكن داخلك يردّد صدى كل ما لا يمتّ للسعادة بصلة.
كن أنت إن استطعت ذاك الشخص للجميع.. لكن لا تنتظر من أحدهم أن يكون هذا الشخص لك، لأن أمثالهم موجودون
واعلم أنهم مهما حاولوا مواساتك في لحظات ضعفك أو انهيارك أو تراجعك، فقد تجد في كلماتهم بذور الأمل، لكن إن أنت لم تقرّر أن تزرعها في روحك، وتسقيها من جهدك حتى تُزهر وتُثمر، فأنت كالذي استمتع بشربة ماء باردة في حرّ الصيف ثم ما لبثت أن ذهبت لذّتها مع أول شعور بالحرّ والعطش.
اسقِ بذور الأمل في نفسك وبنفسك، وانثرها في قلوب من حولك علّها تزهر في قلب أحدهم، فيُزهر حاضره ومستقبله، فتكون أنت الذي رميت لكنّه هو من سقى، ورعى، واعتنى.
كن أنت إن استطعت ذاك الشخص للجميع.. لكن لا تنتظر من أحدهم أن يكون هذا الشخص لك، لأن أمثالهم موجودون.
لكنهم جدًا نادرون!
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.