شعار قسم مدونات

الأدوية اليتيمة من منظور اقتصادي!

BLOGS دواء

كم منا من يوجد له أخ أو صديق أو جار أصابه مرض ولم يستطع الأطباء تشخيصه؟ وإذا تم تشخيصه لم يجد له الأطباء دواءاً مناسباً بسبب عدم توفر مثل هذه الأدوية. تعرف الأمراض التي تصيب عدداً قليلاً من البشر بالأمراض النادرة، وهذه الأمراض لا يتم تطوير علاجات لها من قبل شركات الأدوية (غالبا) لأنها لا تكون ذات جدوى اقتصادية للشركات، نظرا لقلة عدد المرضى. فما هو المرض النادر والذي يعرف أيضاً بالمرض اليتيم؟

الأمراض اليتيمة:

كل مرض نادر يصيب نسبة قليلة من الناس هو مرض يتيم، واختلفت تقديرات الدول لتحديد ما إذا كان المرض يتيما أم لا بناء على نسبة المرضى، فبعضها تقدر المرض بأنه يتيم إذا أصاب واحد من كل ألف من المواطنين، ولكن أغلب الدول تقدر المرض اليتيم بأنه المرض الذي يصيب واحداً من كل ألفين من عدد السكان، فإذا كان عدد سكان البلد 10 ملايين نسمة فيجب أن يكون عدد المصابين بهذا المرض أقل من 5000 فرد، أما إذا زاد عن ذلك فلا يعتبر مرضا يتيماً، وتختلف النسبة كما ذكرنا من بلد لآخر فمثلا تقدرها الولايات المتحدة بـ 1 من 1500 شخص، وهكذا.

في بلادنا العربية، فلا زلنا تحت رحمة البلدان الأخرى في هذه المجالات ولا توجد أي أبحاث جادة لتطوير أدوية قابلة للتداول لهذه الأمراض، وبالتالي لا نزال مستهلكين فقط لما ينتجه الآخرون

بالنظر لعدد المرضى المتوقع إصابتهم بمثل هذه الأمراض فإن ذلك يجعل شركات الأدوية تحجم عن تطوير أدوية لمثل هذه الحالات، نظرا لعدم الجدوى الاقتصادية، فتكون الأولوية لديهم لتطوير أدوية للأمراض التي تصيب عددا كبيرا من البشر. وتقدر الهيئة الأوروبية للأمراض النادرة عدد هذه الأمراض المعروفة لنا حاليا بين 5000 و7000 مرض مثل مرض بيكا ومرض البروفيريا الذي يقال أنه سبب ظهور أسطورة مصاصي الدماء، والعديد من أمراض الأورام السرطانية وغير السرطانية، ومرض الضحك المميت، وغيرها من الأمراض التي لابد أن يكون قد مر علينا بعضها في حياتنا اليومية.

إعلان

إنسانيا، كل مريض له حق التداوي، وكل مرض لا بد من البحث له عن علاج، ويجب النظر لهذه الحالات الإنسانية بمنظور غير نفعي، ولا بد من نسيان مبدأ الربح والخسارة والميزان التجاري. ومن هذا المنظور ظهرت الأدوية اليتيمة Orphan Drug لمعالجة الأمراض اليتيمة، فما هي هذه الأدوية؟

الأدوية اليتيمة Orphan Drug:

كل دواء يعالج مرض نادر، أو مرض قليل الحدوث يمكن تسميته بالدواء اليتيم. وهذه المعالجات مهمة جدا ولذلك لا بد من تطويرها وتوفيرها أيضا للمرضى بأسعار مناسبة، وهذا هو التحدي الأكبر لتطوير هذه الأنواع من الأدوية. وللأسف بحسب المنظور النفعي الاقتصادي، فإن شركات الأدوية تتكاسل عن تطوير مثل هذه المنتجات نظرا لعدم جدواها الاقتصادية لها، كما أنها ستكون مرتفعة الثمن جدا بسبب تكاليف التطوير مما يجعلها بعيدة عن متناول أغلب البشر، ويكفي معرفة أن تكاليف علاجات السرطان لمدة شهر واحد تتراوح بين 1515 دولارا في الهند و8694 دولارا في الولايات المتحدة حسب ما أوردته قناة الحرة في أحد تقاريرها.

من أجل حل مثل هذه المشكلات جذريا تم وضع العديد من المبادرات الرسمية والشعبية لإيجاد علاجات للأمراض النادرة مثل قانون الدواء اليتيم Orphan Drug Law في أمريكا، والذي يشجع الشركات الدوائية بحوافز مالية وحوافز ضريبية لتطوير مثل هذه الأدوية، كما توجد مبادرات عالمية مثل أعمال منظمة الصحة العالمية لتشجيع الأبحاث حول الأمراض اليتيمة وأدويتها. أما في بلادنا العربية، فلا زلنا تحت رحمة البلدان الأخرى في هذه المجالات ولا توجد أي أبحاث جادة لتطوير أدوية قابلة للتداول لهذه الأمراض، وبالتالي لا نزال مستهلكين فقط لما ينتجه الآخرون، وكل اعتمادنا على أبحاثهم دون أن يكون لدينا أي أبحاث حقيقية خاصة بنا، ولا نملك إلا أن نثق بنتائج دراسات المؤسسات والشركات الخارجية. فهل من سبيل لحل هذه المعضلة؟
————————————————————————————————————————–
المراجع
– researchgate.net
– orpha.net 
– eurordis.org
– Prof. Hayk S. Arakelyan. Water Allergy.
– Hadjivasiliou، Andreas (2015). EvaluatePharma Orphan Drug Report 2015. EvaulatePharma

إعلان

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.


إعلان