إن تطلعات الشعوب والأمم للتغير والتجديد هي فطرة الإنسانية السوية التي تمل من الركود والجمود في شتى ضروب الحياة السياسة منها والاجتماعية والفكرية وغيرها فخلق الله الإنسان خليفة في الأرض ليعمرها مستفيدا من خيراتها التي حبانا الله بها مقتديا بتشريعات السماء في إطارها الكلي ومستفيدا من تجربة الإنسانية.
على مر التاريخ شهدث منطقتنا الإسلامية العربية في ماضي من سنوات الكثير من الثورات التي قامت ضد الجمود والتردي القيمي في المقام الأول وبعدها ضيق المعيش متمثل في ضعف الاقتصاد ونهب خيارات البلدان بسب فساد منظومات لم تستفد مما مضى من تجارب منذ ما بعد التحرر من المستعمر فظلت تعيد نفس الازمات وتستخدم ذات طرق المعاجات التي أثبتت عدم صحتها فنجدهم دوما يعالجون قشور المشكل بعيدا عن البحث عميقا عن أسباب وجودها ومبررات استدامتها في تاريخ السودان الحديث، أيما بعد استقلالنا المجيد كان للسودان نصيب ممتاز من الثورات وتغيير الأنظمة شكلت هذه التجارب رصيد كافي لنخبنا الفكرية وجماعتنا السياسية لتستفيد منه في الحاضر والمستقبل.
بعد أن ذهب نظام البشير وبدأت المفاوضات ظهر ديناصورات الأحزاب المتطرفة الإقصائية، وبدلا أن تقدم خطاب تصالحي اجتهدوا في اقصاء كل من يخالفها الرأي والتوجه |
في أواخر العام المنصرم اندلعت مظاهرات عفوية في بعض مدن البلاد والعاصمة الخرطوم بعد أن جفت بنوك البلاد من توفير السيولة النقدية للمواطن وامتدت صفوف الوقود في شوارع المدن الرئيسة لفترة لست بالقصيرة لم تتعامل الحكومة مع هذه الأزمة بالقدر الكافي لقد كانت تتلاشي الاحلام والوعود بعد كل تصريح مسؤل حكومي عن تحسن الوضع وانفراج الحال تراكمت الازمات واستمرت حتي ظهور ما يعرف بتجمع المهنيين الذي نظم الشارع السوداني مستفيدا من وسائل التواصل الاجتماعي من فيس بوك وتويتر وانستغرام فكانت جداول المظاهرات ومواعيد الاضراب عن العمل والوقفات الاحتجاجية تصل للجميع.
وفي وقت قصير تفاعل معها بعض شباب السودان الغير منتمين لأحزاب سياسية املين في التغير واصلاح الحال بعد ذهاب نظام البشير معلقين الامال علي التجمع الذي كان يظنون أنه متجاوزا احزابنا السياسية التي ادمنت نخبها الفشل كما وصفهم المفكر منصور خالد في كتابة أزمة النخب السودانية لكن تغيرت هذه القناعات بعد ماحدث في الحادي عشر من أبريل فهل كانت ثورة أم انقلاب سؤال يحتاج لإجابة بعد بحث وتجرد سوف نحاول الإجابة عليه في مقال آخر مستدلين بالكثير من الشواهد والأدلة.
بعد أن ذهب نظام البشير وبدأت المفاوضات ظهر ديناصورات الأحزاب المتطرفة الإقصائية لتفاوض المجلس العسكري باسم شباب السودان الذين سبقوها في الفعل السياسي قولا وعملا أحزابنا السياسية السودانية للاسف ظلت حبيسة حتي اليوم لصراعات التاريخ التي أقعدت الشعب السوداني عن تحقيق تطلعاته وآماله في النهضة و التغير فبدلا أن تقدم خطاب تصالحي يلم شمل شتات المكون السوداني اجتهدوا في اقصاء كل من يخالفها الرأي والتوجه بل عادت حتى من استبقهم حضورا وتضحية أمام القيادة العامة وكأنهم وحدهم من حركوا الشارع السوداني مما زاد من أمل التفاوض مع جنرالات المجلس العسكري حتى توالت الأحداث متسارعة نحو انهيار كل شيء.
السبب الوحيد لذلك في اعتقادي هو نهج الاقصاء الذي ظلت تمارسه الأحزاب بعض الأحزاب السودانية على مدى تاريخها الطويل، وحتى الآن لا يتأتى الحل إلا عبر الجلوس للحوار مع جميع الأحزاب والمكونات المجتمعية الأخرى مستفيدة من تجربة الحوار الوطني التي لم تلتزم الحكومة السابقة بتفيد مخرجاته ومن حوار سلام دارفور الذي استضافته قطر وكانت له نتائج ايجابية على استقرار دارفور وتحقيق السلام وبسط الأمن، لكن هل عقلية الاقصاء والتطرف تستطيع أن تبني على ما مضى أم تريد الهدم لتبني من جديد علي شبل.
على السوادني غير المسيس الذي عايش هذه التجربة ألا يجعل لليأس والاحباط طريقا ليتمكن من اخماد العزيمة في النفوس وأن يسلك الشباب جماعات وأفراد طرق أخرى للاصلاح منها تكوين الأحزاب السياسية الجديدة التي تتسم بالوجوه الشابة المتجاوزة لأمراض الماضي وتأسيس الجمعيات والهيئات المختصة لتشكل عبر كل هذه المؤسسات ضغوطات علي الجميع من أجل الجلوس للحوار والتفاوض لتحقيق تطلعات الشعب السوداني الصابر علي قيادته السياسة سوف نواصل الحديث في مقالات منفصله عن الأحداث التي يعشها الشعب السوداني هذه الفترة إن كان في العمر بقية.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.