شعار قسم مدونات

فلسفة التدريب

blogs تنمية بشرية
من المهم جدا لكل مدرب ومتدرب معرفة فلسفة التدريب وفهمها جيدا قبل الانخراط فيها، فالتدريب قائم أساسا على كسر ثقافة الصمت والخوف ليؤدي في نهاية المطاف إلى تعليم قائم على الحوار والمشاركة والتفاعل المجدي. ولكن هناك ثقافة ما دائما تؤثر على هذه الفكرة وتجعلها عقبة وعائق أمام الرفع من مستوى التفكير لدى المتدربين. أي هناك مساهمة تثقيفية توعوية تساهم في القضاء على الفلسفة القديمة القائمة على التعليم التقليدي والاستماع فقط.
 
كل ما يحتاجه المتدرب هو فكرة بسيطة وسيتغير حاله من أسوأ إلى أحسن، فربما سمعت "سين ويستكوت"، الذي تحول من فقير إلى رجل أعمال بسبب لافتة مرورية ذات ليلة كان يقف تحت المطر على موقف الباصات بينما الضباب يغلف كل شيء من حوله وجاء الباص ومر به دون أن يتوقف، لأن السائق لم ينتبه أن هناك راكباً على الموقف، فاضطر "سين ويستكوت" إلى العودة للمدينة سيراً على الأقدام.
  
وأثناء سيره الطويل تحت المطر كانت تنتابه خواطر شتى، ومن بين هذه الخواطر: لماذا لا يثبتون أضواء على لافتات مواقف الحافلات تنبه السائقين إلى وجود ركاب عند مرور حافلة الركاب بالضغط عليها. ولذلك فالتدريب القائم على أفكار ونشاطات وحوارات ومشاركة لخبرة في مجالات عدة هو من سيكونن سبب نتاج أفكار ستنقل هؤلاء المتدربين من زوايا الصندوق المغلق إلى اللامحدود فليس الكل يمتاز بالإبداع والابتكار وإنما يحتاجون لتنمية هذه الأفكار.
  
ما نراه اليوم هو اختيار لشخصيات لم تحقق أي مفهوم من مفاهيم النجاح، بل شخصيات وهمية تنظر فقط، فلا هو ناجح في عمله ولا هو من أولئك أصحاب الكتب والمؤلفات

فمقياس الخبرة للمدرب يرتبط شرطيا مع قدرته على توفير نظام تدريب ديناميكي يتغير طبقا للمتغيرات المدخلة، فليس كل المتدربين من طراز واحد. وتتمحور تلك المتغيرات حول نوع البيئة المحيطة بالمتدربين ومدى المشاكل والازمات التي يمكن استغلالها للنهوض حول عجلة التقدم والمعرفة.
    
كما يجب الإشارة أنه لا يمكن نكران كون التدريب سوق تجدب البعض للمتاجرة بالكلمات التحفيزية الرنانة والسعي خلف الماديات وتحقيق مفهوم التنمية الوهمية المستدامة، فالمدرب المحترف من يحدد احتياجات التدريب وأهداف الحقيبة التدريبية التي سيقدمها، فالهدف هو حل مشكلة معينة وليس خلق مشكلة.
   
ولذلك يمكننا القول بأن الفلسفة الجديدة للتدريب بمعناها المتكامل هي "القدرة المتجددة على بناء وتطوير المفهومات والاتجاهات والنظم والقدرات والأساليب والإبقاء بالاحتياجات الحالية والمتطلبات المستقبلية لمواجهة مقتضيات عمليات التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية". ويمكن أن نقول بأن فلسفة التدريب هي تنمية التفكير الابتكاري للتكيف مع عمله من ناحية ومواجهة مشكلاته من ناحية أخرى ويمكن ان يكون هذا المفهوم هو الأبسط والأشمل. وتضل هذه الفلسفة من أهم أركان أي شركة تدريبية على المستوى العام وأي مدرب محترف على المستوى الخاص.

 

من وجهة نظر أخرى يجب عدم التركيز على المعلومات العلمية التي قد يكتسبها المتدرب، لأنها قد يحصل عليها من أي طريق آخر، كالكتب والمراجع، والمواقع المتخصصة وغيرها وخصوصا بانتشار التدريب الإلكتروني، ولكن يجب التركيز على تزويد المتدرب بالكيفية التي يطبق فيها المعلومات والخبرات والمهارات التي اكتسبها في تحسين أدائه.. والشيء الآخر الذي أود التركيز عليه أنه لن يؤتي التدريب الفعال أكله لدى المشاركين إذا لم يكن هناك قناعة تامة لدى المتدرب بإمكانية استغلال المهارات والخبرات والمعلومات التي سيحصل عليها في مجال عمله الاستغلال الأمثل.. ومن هذا المنطلق يجب أن يرتبط التدريب ارتباطًا وثيقا بالعائد من التدريب.. وذلك من خلال وضع المقاييس والمؤشرات التي تبين مدى التحسن والتقدم في أدائه بشكل عام.

  undefined

 

ومن خلال هذه الفلسفة يمكننا أن نعرف مدى نجاح أي شركة تدريبية في إيصال رسالتها، وكيف لهذه الشركات أن تختار مدربيها، فما نراه اليوم هو اختيار لشخصيات لم تحقق أي مفهوم من مفاهيم النجاح، بل شخصيات وهمية تنظر فقط، فلا هو ناجح في عمله ولا هو من أولئك أصحاب الكتب والمؤلفات.
 
كما أن بدل الجهد في تعلم شيء معين هو ما سيجعلك تتذكره لمدة طويلة وخصوصا أثناء حل ألعاب لغوية صعبة، وهذا ما يجعل التدريب أو التعليم فعال وتجعل المتدرب يندمج في المادة المدروسة بعمقٍ أكثر، وينظر إلى المعلومات من زوايا مختلفة، ويفكّر في الصورة الشاملة، وينشئ المزيد من الارتباطات بين العناصر المستخدمة. ولكلّ هذا الجهد حصيلةٌ قيّمة في النهاية. وسأقوم هنا بعرض أهم الممارسات التي استخدمتها في تجربتي التدريبية والتي من شأنها جعل التدريب ذو جودة وفاعلية في تحسين فاعلية المتدربين وكذلك جعل العملية التدريبية ممتعة للغاية.
   
1. التدريب القائم على حل المشكلات: فكما ذكرنا سابقا يعزز من فاعلية التعمق في المنهج التدريبي، وعادة ما يجد المتدربين متعة في حل المشاكل وخصوصا بشكل جماعي.
2. تعدد الأمثلة وخصوصا تلك ذات التجارب والخبرات التي مر بها المدرب فهذا النوع يزيد من متعة الدورة التدريبية كما أنه سيربط تفكير المتدربين بنقاط لا يستطيعون نسيانها.
3. الممارسة وهي تتيح للمتدربين فرصة الحصول على التغذية الراجعة بشأن تمكّنهم من المهارات الجديدة، وعندما تواجههم المشكلات فإنّ المساندة اللازمة موجودةٌ لوضع أيديهم على مواضع الخطأ في التطبيق.

 

ومن تجربة سابقة أستطيع أن أجزم من زاويتي أن تعدد الأمثلة هي الطريقة المفضلة لمعظم المتدربين فهي تبعدهم عن الإحراجات داخل القاعة التدريبية ويجدون فيها المتعة والمعرفة. وكم أستغرب عندما أدخل إلى تلك الدورة التدريبية لأجد ذلك العرض التقديمي المرتص بالجمل والكلمات فلا تكاد تكمل الشريحة الواحدة قراءة حتى تبدأ في الثانية، وماهي إلا دقائق ويبدأ النعاس والملل.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

إعلان

إعلان