ونتذكر بالأمس القريب مشاركة النساء المغربيات في عملية نقل السلاح إلى جانب رواد الحركة الوطنية، كما لا يفوتني أن أذكر بأن المرأة شكلت أيضا محركا رئيسيا في الثورات العربية أو ما يصطلح عليه بالربيع العربي حيث شاهدنا جميعا نساء في صفوف متراصة ومتلاحمة إلى جانب الشباب الثائر في ساحات الميدان رافعات شعارات تطالب بالكرامة والعدالة الاجتماعية كمطلب للجميع والمناصفة كمطلب خاص بهن.
هذه العبارات المتداولة وإن كانت تعتبر في أحيان كثيرة مصدرا للترفيه و"تقرقيب الناب لاغير" إلا أنه لا يمكننا أن ننكر أنها تمارس عنفا رمزيا على المرأة المغربية وتكرس العقلية الذكورية المهيمنة |
تطورت وضعية المرأة إذا بتطور الزمن لكن حضورها في المخيلة الشعبية للمغاربة ظل يحمل في خباياه مجموعة من المفارقات العجيبة، فنرى تارة فكرا يجمع على عظمتها وكيدها وتارة أخرى عن نقصها وضعف فعاليتها وذلك باعتبارها عورة الأحق أن تستر. ويمكننا لمس ذلك عبر مجموعة من الممارسات التي تكرس إهانة المرأة وتحقيرها كالعنف والاغتصاب والتحرش الجنسي ومنعها من حق دستوري كالتعليم وتزويجها مرغمة في سن مبكرة في مجموعة من المناطق النائية بالمغرب العميق.
ممارسات وأخرى لم ينجح في القطع معها لا منظمات نسائية أرى أنها تسوق للمرأة المستقلة صاحبة الكاطكات والفيلا على أنها صورة لجميع المغربيات وتتناسى نساء الحقول والمعامل المهضومة حقوقهم، ولا الحقوق التي يكفلها الدستور للمرأة القاضية بالمناصفة والمساواة والتي أراها لا تغدو أن تكون حبرا على ورق ينفض من عليها الغبار في اليوم العالمي للمرأة لتحفظ في باقي الأيام، وكأن نقاش إمكانية تنزيلها مجرد عادة سنوية لا غير.
ولا يمكننا أن نغفل في خضم نبشنا وتطفلنا على نظرة المغربي للمرأة الأمثال الشعبية باعتبارها أساسا من الأسس المساهمة في سيكولوجية الفرد المغربي وحلقة مهمة من الحلقات الشاهدة على مجموعة من المعتقدات التي سادت في زمن ما ولازال بعضها سائدا لليوم، فقول عبد الرحمان المجدوب "سوق النسا سوق مطيار ياالداخل رد بالك يوريوك من الربح قنطار ويديو لك راس مالك" والمثل القائل "ديرها فالرجال وترجاها ديرها فالمرأة ولا تنساها" يقران بكيد المرأة ودهائها دهاء يفوق دهاء الرجل بل قد تذهب إلى خداعه برجاحة عقلها، بخلاف المثل القائل "شاورها ولادير بريها" الذي يحمل في طياته نظرة أقل ما يمكن أن يقال عنها أنها دونية تنقص من شأن المرأة إذ تؤكد على أن رأيها ضعيف جدا أمام سلطة الذكر ويعتبر فقط من الشكليات التي لا تحتاج تطبيقا.
"الرابح من المرا والخاسر من المرا" عبارة متداولة في الأوساط الشعبية والتجمعات النسائية على وجه الخصوص فإن ساءت أحوال أحدهم أو تحسنت بعد زواجه يرجع السبب إلى زوجته في غالب الأحيان وإن ساءت فلا شك أن المرأة أيضا هي المسؤولة عن سوئها، وعن علاقة الفتاة بوالديها يقال "اللي ما عندو بنات ما عرفوه باش مات" حيث ينظر للفتاة باعتبارها كاتمة الأسرار و"عمارة الدار" والمعني الأول والأخير بشؤون والديها وأمها على وجه أخص.
إن هذه العبارات المتداولة وإن كانت تعتبر في أحيان كثيرة مصدرا للترفيه و"تقرقيب الناب لاغير" إلا أنه لا يمكننا أن ننكر أنها تمارس عنفا رمزيا على المرأة المغربية وتكرس العقلية الذكورية المهيمنة على تركيبة المجتمع كالمثل القائل "بنتك لا تعلمها حروف ولا تسكنها غروف" ويحيل على ربط تعليم الفتاة بانحلال أخلافها وانحرافها، فيما أن المكان الأنسب لها هو بين الزوجية عملا بقول "الحرث بكري والزواج بكري" أو "المرأة ياراجلها ياقبرها" والذهاب إلى أن العنوسة هم وثقل كبير، لقول "الهم هم العزبة أما العزري يتزوج دابا".
إذا بين تمجيد المرأة وإذلالها تتأرجح معاني ودلالات الأمثال الشعبية المغربية التي تتحكم بشكل كبير في توجهات كثير من الأفراد فيما يتعلق بنظرتهم إلى المرأة.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.