فالمعرفة هي سندان الأمان لكل أمة، وإنها عدوة الاستبداد والظلم، فلطالما هابتها الاستدمارات في كل بقاع المعمورة، ونجد أن أول مـــا يسعى إليه المستدمر إذا ما دخل بلـــــــدا ما هو ضرب وسلخ ثقافته وهويته وكل ما له علاقة بالجانب الفكري والتوعوي، كان النازي هتــلر يدرك ذلك وقد صرح بها ذات يومٍ إلى أحد حاشيته فقال لــــه: "من حسن حظِّ هذه الحكومة أنَّ شعبها لا يفكـــــر".
من علامات الجهل المميزة أن يعتبر المرء كل شيء يختلف عنه بدعة خرقاء، لأعيدَ وأكرِّر الجهل شاقور يستعد بكلِّ ما أوتيَ من قوة أن يهدَّ بيوتا علاها العز والشَّرف، مستعد أن يقتلع السندان يتلوه السندان ليجعله يترنح ويترنح حتى يتهاوى على ساكنيه. |
الجهل هو شاقورٌ تنتزع به القيم في المجتمع فيسود بين أفراده اللاثقة والجرائم والآفات التي لا تبقي ولا تذر، هو ما يخلق التمادي والتماطل في صنع وطنٍ جميل، هو الاستبداد عينه، وقد كان المتنبي يقول لأحدهم وإشارات الكلام عند أولي النُّهى أفهامُ: "أراك الجهلُ أنَّك في نعيم"، لطالما كانت المعرفة هي ما يقض مضاجع الظلمة والجبابرة، الشعوب التي تدري حقوقها وواجباتها وتفهم ما لها وما عليها وتحقق الأسباب، هي التي من حقها أن تسود العالم وأن تعيش الحياة العزيزة كما تشتهيها دون خنوع ومذلة.
عندما تجعل المجتمعات حب الحياة جريمة موجبة للعقاب، عندما يكتشف الفرد أن إخوته المواطنين يجعلون حياته جحيماً لا يطاق باسم المصلحة العامة، عندما يُقاس الصواب والخطأ بعدد الأتباع وليس بمنطق الحق، عندما تصير الحياة بدلة جاهزة عليك أن تلبسها وحدها أو تعتبر مواطناً يرتكب مخالفة العري، إذ ذاك ينزلق حب الحياة البريء إلى فخ الأنانية ويكتشف المواطن أن عليه أن يخرج من جلده أو يقاتل أعداءه في الخفاء..
ذلك يحدث في بلدنا.. إنه من علامات الجهل المميزة أن يعتبر المرء كل شيء يختلف عنه بدعة خرقاء، لأعيدَ وأكرِّر الجهل شاقور يستعد بكلِّ ما أوتيَ من قوة أن يهدَّ بيوتا علاها العز والشَّرف، مستعد أن يقتلع السندان يتلوه السندان ليجعله يترنح ويترنح حتى يتهاوى على ساكنيه وهو وحدهم وفقط من سيعرفون ألم هذا السقوط عليهم، فهمهـــا لورين هاميلتون: "من المفترض أن يخاف الناس من المجهول، ولكن الجهل يصبح نعمة عندما تكون المعرفة مخيفة"، والجهلُ أصل كل شر.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.