أحترم قرارات قيادة حركة حماس وأثق بها؛ لكن لا أعلم من أين خرجت لهم فكرة المقاومة الشعبية بالحجارة وأطر السيارات أمام مواقع عسكرية محصنة ومُعدة لمواجهة جيوش، ولا أعلم تحديداً ما هي الفائدة الإيجابية التي يرونها طالما أنَّ مواقف الدول أصبحت واضحة وضوح الشمس من قضيتنا العادلة، وكأنَّ من أراد بنا الشر وتآمر علينا سيُغيّر رأيه أمام هذه الجموع الصارخة على الحدود !
لا حاجة لمثل هذه المسيرات في غزة فالعالم أجمع أصبح واعياً وفاهماً ما يحصل لدينا ولكن السياسات الدولية لن تجعل أحد يقدم لنا شيئاً أكثر مما مضى حتى ولو بقينا ليالٍ على السياج الفاصل (مواقف الدول أصبحت معروفة) والحل الأنسب هو الانخراط في هذه السياسات والمراوغة بها خصوصاً أن مصر فتحت ذراعيها واستقبلت وفداً حمساوياً في الوقت الذي تشارك به دول الخليج في مقاطعة قطر وكأنَّ هناك رسالة يلحون لحماس بها أنَّ لا حلفاء لك ولا قوة طالما لم نرضَ عنك، وهذا لا شك بضغط من الرئيس محمود عباس لإحساس حماس بضعفها وحاجتها له بعد الخطوات غير المسبوقة التي أقدم عليها ضد غزة في وصاية واضحة يتفق عليها الحلف الجديد .
حدثاً مغايراً لا حرباً ولا عناداً يجب أن تخطوه حركة حماس ليس من أجلها ولكن من أجل الشعب الذي صمد معها واعتمد عليها طوال هذه السنين بعد الله، رغم الشر الذي يحيطها والمكائد التي تُعد لها؛ يجب أن تُمسك السلاح في يمينها وتستعيذ من شيطان السياسة وتمد شمالها لهم بكل حذر !
العقول ليس سواسية وليس عدلاً أن تحاور الجميع من منظورك وعقلك فقط، فكل منا له وجهة نظر وتفكير مغاير فلا ضير بالتعبير والتحدث طالما لم يكن الشخص مأجوراً أو مسيّساً، هو بالأساس يعارضك وعليك احترامه ومحاولة إثبات الأفضل لتغيير رأيه المعارض |
بينما داخلياً يجب أن يتسع صدرها أضعافاً مضاعفة تجاه جيل وُلد في قهر، ووعى على مدفعِ، ودرس على شمعة، هذا الجيل الشبابي الحر الذي اعتاد على القوة والثقة بنفسه من شدة الصعوبات التي واجهها وعاش خلالها، يجب أن تحترم رأيه وحريته وأن تتعامل بحسن ولين وحوار واضح وشفاف ومقنع ولا ضرر لو شكلت ندوات وأمسيات تجتمع فيها مع المعارضين منهم بدلاً من السجن والاعتداء الذي يجعلها في مكان غير مكانها ووصف غير وصفها وهي بالأساس حركة تحررّ !
العقول ليس سواسية وليس عدلاً أن تحاور الجميع من منظورك وعقلك فقط، فكل منا له وجهة نظر وتفكير مغاير فلا ضير بالتعبير والتحدث طالما لم يكن الشخص مأجوراً أو مسيّساً، هو بالأساس يعارضك وعليك احترامه ومحاولة إثبات الأفضل لتغيير رأيه المعارض وهذا ما يتحتم على الحاكم الذي يتحلى بالمسؤولية والأخلاق .
حتى بعض أبناء حماس عبّروا عن رفضهم لفكرة الالتحام بهذا الشكل ولم يشاركوا بها لما فيها من مضيعة للأرواح بدون فائدة حرصا منهم على حقن الدماء التي لا يفهم الاحتلال لغة سوى إراقتها، فالكثير منهم لم يروا أنفسهم في هذا المكان .أما بالنسبة للتأثير على الاحتلال فلا أعتقد أنَّ ذلك سَيُّولد قهراً وخوفاً له يستدعي بعض التنازلات لتخفيف الحصار، خصوصاً أنه تعوَّد منا على سقفٍ عالٍ في المواجهة كعمليات الإنزال خلف خطوطه التي شكلت له كابوساً مجنوناً مثل ما حصل في موقع نحل عوز وصوفا ..
غزة تخطت هذه المرحلة مسبقاً وهذا واضح في أعداد المقاتلين داخل كتائب المقاومة التي تزداد يوماً بعد يوم بعد استدراك حجم ونوع القتال المختلف عن باقي المدن الفلسطينية، حتى الاحتلال نفسه ينظر هذه النظرة الى غزة وأعدّ جيشه ومواقعه جيداً على حدودها .
أنا شخصياً لستُ مستعداً أن أذهب للحدود الفاصلة بيننا وبين المواقع العسكرية الصهيونية بصدر عارٍ وأعود من هناك مصاباً برصاصة جندي عاهر أرقدُ على أثرها مشلولاً مدى الحياة بينما هو سيعود لحياته الطبيعية بعد أن ينتهي دوامه !أعيدوا النظر والتفكير، فما عهدنا عليكم إلا الحكمة والصواب .
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.