القادة العسكريون -كرمز للتعجل- جاهزون دومًا للحل الذي يتقنونه، وهو القتل وتصفية المنافس دون أن يعطوا لمساحات الحوار أية فرصة ولو لاختبار النوايا، مساحات الحوار عادة ما ستحرمهم من الظهور في الواجهة كبطل مخلص أو منقذ همام؛ لذا فهم على طول الأحداث ينفذون عبر أي احتمالية سيئة كي يثبتوا ضرورة التدخل العسكري كحل لابد من تجرعه.
ثبت وجود كائنات فضائية داخل تلك الأجسام العملاقة، حيث تمكن أخيرًا فريق من المجازفين من النفاذ إلى داخل تلك المركبة، كم الإثارة التي ستلاقيها في اكتشاف مجهول غير معتاد الهيئة أو التكوين لا يمكن وصفها أبدًا، لذا سأدع أحداث الفيلم حين تشاهده تخبرك.
لكل منا أبجديته الخاصة الخفية، وحين نناغم الآخر بأبجديته، يصبح سهلاً جدًا أن يستمع إلينا ويتجاوب مع أبجديتنا ومنطقنا. فنحن لا نحتاج أن نخاف من المجهول بقدر ما نحتاج إلى التعرف إليه. |
استوقفتني كثير من الأفكار اللامعة في هذا الفيلم الشيق، لكن أكثر ما جعلني لديه أتوقف بالتأمل والتحديق، كانت تلك الفكرة التي اقترحها أحدهم، والتي يمكن تلخيصها فيما يلي: "حين يواجهك مجهول تجافي أفعاله المنطق فلا تواجهه كحل أول؛ ولكن سر بجواره وتدرج".
وقد ضرب هذا الشخص مثالاً من حياته يوضح ذلك، فقد بلغت أمه الكبر ودب في أفعالها الخرف والنسيان ووصلت إلى مرحلة صعبة من اختلاق أحداث وشخصيات لا وجود لها، وقد عمد إلى مواجهة أمه بشكل صادم عبر إخبارها أن جميع ما تقوله لا أساس له من الواقع، لكن تلك المواجهة كانت تنتهي في كل مرة إلى صدمة وبكاء هستيري وازدياد في حصيلة المرض وآثاره.
لكل منا أبجديته الخاصة الخفية، وحين نناغم الآخر بأبجديته، يصبح سهلاً جدًا أن يستمع إلينا ويتجاوب مع أبجديتنا ومنطقنا، وبناء على هذه الفكرة كان سير العالمة اللغوية د. بانكس في محادثة الكائنات الفضائية، حيث اختارت أن تسير بجوارهم وتتناغم مع ما يصدروه من إشارات وبهذا خلقت أرضية وسط يمكنها أن تجني على إثرها ثمرات مُرضية، وبالفعل كان التجاوب مذهلاً وقاصمًا لآمال المتحفزين للقوة واستخدامها، وبدأ تكوين معالج برمجي يلتقط عن الفضائيين إشاراتهم ويترجمها إلى لغتنا المفهومة.
نحن في الغالب لا نحتاج أن نخاف من المجهول بقدر ما نحتاج أن نتعرف إليه، بقدر ما نحتاج أن نُعطيه فرصته كي يعبر عن ذاته وعن نواياه، وبجوار هذا نأخذ حذرنا ونستعد إما إلى هدنة وبناء وربما عناق، وإما إلى دفع بعيد وانفصال ومواجهة إن لزم الأمر.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.