انسحبت بريطانيا من مدينة القدس في الرابع عشر من شهر أيار عام ،1948 وبدأ المقدسيون يتساءلون لماذا لم يأمر الملك عبدالله جيشه بالزحف نحو القدس وكان قبل ذلك يقول لهم: لا أستطيع أن أرسل جيشي إلى القدس إلا بعد انتهاء الانتداب في 15 أيار.
كنت أنا هو الرجل الذي يتلقى الذم باعتباري أقود جيشا متحمسا لمهاجمة إسرائيل التي ولدت حديثا، ولم أكن إزاء ذلك أستطيع أن أفعل شيئا سوى أن أبين في بأن القادة العسكريين ليسوا هم الذين يبدؤون الحروب. |
مع انسحاب القوات البريطانية كانت المعارك الطاحنة قائمة على أشدها خارج أسوار القدس بين المجاهدين واليهود الذين كانوا على أهبة الاستعداد لتحقيق أهدافهم بعد أن قامت بريطانيا بالانسحاب تدريجيا حيث انسحبت أولا من المناطق التي يسيطر عليها اليهود، وقامت بتسليم إدارتها لهم.
ما إن انتهى الانتداب حتى بدأ الفلسطينيون عامة والمقدسيون خاصة يتطلعون نحو عمان وجيشها العربي على أمل أن يروا نجدة قادمة تخلصهم مما هم فيه، حيث استنفد أبناؤها المجاهدون كل ما لديهم من عتاد، ووقفوا على أبواب المدينة وأسوارها يدفعون عادية اليهود عن مدينتهم بما تبقى بأيديهم.
وقفت عمان حتى بعد انسحاب القوات البريطانية من القدس صامتة لا تحرك ساكنا مما أثار استغراب أهل القدس، وظلت عمان على صمتها حتى اليوم السابع عشر من شهر أيار حيث أصدر الملك أمرا شفويا لغلوب باشا أبو حنيك طالبا إليه أن يزحف بجيشه نحو القدس، وأتبع أمره الشفوي بأمر خطي، وطلب منه أن يوافيه بتقرير في الوقت الذي يتحرك فيه الجيش، ولكن أمر التحرك لم يصدره رئيس الأركان إلا مساء اليوم الثامن عشر من شهر أيار، ودخل الجيش مدينة القدس في صباح التاسع عشر من شهر أيار.
ان من الواجب الإسراع في الزحف نحو القدس لعدة أسباب منها ما هو ديني ومنها ما هو استراتيجي، ولكن غلوب باشا أبو حنيك بقي يحث الملك على احترام الهدنة التي فرضها المندوب على الطرفين. |
يقول غلوب باشا أبو حنيك في مذكراته: "ولمدة أربعة أيام من الآلام المبرحة ونحن متمركزون بين الرملة وبيت المقدس آملين بمنتهى الحماسة أن تبادر منظمة الأمم المتحدة أو القوى الدبلوماسية الأخرى إلى إيقاف الغزو الإسرائيلي للقدس، ما أرغمنا في النهاية على أن ندخل المدينة، كنت أنا في الغالب هو الرجل الذي يتلقى الذم باعتباري كنت أقود جيشا متحمسا لمهاجمة إسرائيل التي ولدت حديثا، ولم أكن إزاء ذلك أستطيع أن أفعل شيئا سوى أن أبين في دفاعي ضد التهمة بأن القادة العسكريين ليسوا هم الذين يبدؤون الحروب، بل الحكومات التي لها حق التصرف، ومهما يكن الأمر فإنه لم تكن لدينا نوايا لأن نصطدم مع إسرائيل التي قبلت بمشروع منظمة الأمم المتحدة والذي التزمنا نحن به أيضا".
كان من الواجب الإسراع في الزحف نحو القدس لعدة أسباب منها ما هو ديني ومنها ما هو استراتيجي، ولكن غلوب باشا أبو حنيك بقي يحث الملك على احترام الهدنة التي فرضها المندوب على الطرفين.
على الرغم من استغاثات أهل القدس بقيت المدينة تواجه مصيرها من الرابع عشر من شهر أيار إلى التاسع عشر منه، وهكذا انقضت الأيام الخمسة الأولى التي أسماها المقدسيون بالأيام الحمراء دون أن تُنجد المدينة، وظل القتال فيها عنيفا مستمرا، وراح الناس يسبون غلوب باشا أبو حنيك والملك الذي رضي أن يكون آلة الاستعمار والمستعمرين(1).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
2. عارف العارف، نكبة فلسطين والفردوس المفقود.
3. http://www.thaqafaonline.com/2012/08/blog-post_1508.html
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.