شهد المغرب ميلاد الصحافة في النصف الأول من القرن التاسع عشر، وهي الحقبة التي تؤرخ لبداية الصحافة من طرف الدول التي كانت لها أطماع على الأراضي المغربية، ورغبتها في الهيمنة والاستعمار. كانت الصحافة تابعة للاستعمارين الفرنسي والإسباني، وظهرت مقسمة عبر عدة مناطق سياسية، إذ كان ظهورها بارزا في المنطقتين الخليفية والسلطانية، وذلك بحكم توفر المناخ السياسي. ثم في منطقة سبتة وتطوان وطنجة ومليلية، وذلك بحكم التواجد القوي للحضارة والثقافة الإسبانيتين. وعليه فإن المرحلة الأولى 1820-1912 كانت بمثابة الانطلاقة الأولى لعملية الكتابة الصحفية حيث ظهرت بعض الصحف والجرائد اليومية والأسبوعية التي كانت معبرة وناطقة بلسان المستعمر محاولا إبراز قوته ونفوذه السياسي والاقتصادي والاجتماعي، دون أن يغفل الجانب الثقافي والحضاري.
صحافة منطقة سبتة
منطقة سبتة هي المنطقة الأولى التي ظهرت بها أول محاولة صحفية بالمغرب سنة 1820 باللغة الإسبانية تحت عنوان Liberal Africano، كانت تطبع في مدريد ولم يصدر منها سوى خمسة أعداد لتعود بعد ذلك تحت اسم: Eco Constitucional سنة 1821م، الصدى الدستوري. وكانت المحاولة الثالثة التي صدرت في نفس المنطقة هي La cronica de Ceuta، وهي صحيفة خاصة بالأخبار والآداب والمصالح العامة.
وفيما يلي جرد عام للصحف التي ظهرت في المنطقة:
El Liberal Africo "المتحرر الإفريقي"
Eco Constitucional "الصدى الدستوري"
La cronica de ceuta "تأريخ سبتة"
El Eco de ceuta "صدى سبتة"
Africa "إفريقية"
La Bolsa "البورصة"
El Liceo "المعهد"
El Sinapisno "الفانوس"
El Progresso de Ceuta "تقدم سبتة"
THE Moor Una "المغربي"
Ceuta Nueva "سبتة الجديدة"
El hispano Marroqui "الإسباني المغربي"
Defensor de Ceuta "مدافع سبتة"
صحافة منطقة تطوان
تطوان هي ثاني مدينة عرفت صدور الجرائد بها، وكانت أول صحيفة El Eco de Tetuan "صدى تطوان" سنة 1860 ميلادية باللغة الإسبانية بأربع صفحات. استمرت هذه الجريدة إلى غاية سنة 1929. ثاني جريدة ظهرت في المنطقة هي: El Noticiero de Tetuan "مخبر تطوان" وهي لسان حال المصالح الإسبانية بإفريقيا كما يبدو من عنوانها: Periodico de intereses espanoles en Africa -صحيفة المصالح الإسبانية بإفريقيا-. دامت حوالي سنة -1860-.
صحافة طنجة
عرفت منطقة مليلية ظهور الصحافة ابتداء من سنة 1883، وكانت صحيفة "المتصارعون" بمثابة أول جريدة تصدر بالمنطقة. أما باللغة العربية، فقد كانت صحيفة "تلغراف الريف" هي الوحيدة التي رأت النور بمليلية |
عرفت منطقة طنجة الصحافة بداية من سنة 1834 م، وأول جريدة برزت إلى الوجود هي "Loeil de Tanger» «عين طنجة"، وبحكم أن طنجة كانت منطقة دولية، فقد عرفت رواجا وازدهارا في مجال الصحافة بحيث صدرت جرائد بالإسبانية، كما ظهرت صحف باللغة الفرنسية نظرا للمعاملات التجارية التي كانت منطقة طنجة مسرحا لها بالإضافة إلى وجود بعض الجرائد باللغة الإنجليزية.
– جريدة "المغرب الأقصى" صدرت سنة 1883 باللغتين الإسبانية والإنجليزية، بأربع صفحات واستمرت إلى غاية سنة 1912.
– جريدة "انبعاث المغرب" صدرت سنة 1883 بأربع صفحات باللغة الفرنسية.
– جريدة "يومية طنجة" صدرت سنة 1889 باللغة الإسبانية.
– جريدة "الصدى الموريتاني" صدرت سنة 1893 باللغة الإسبانية.
أما الجرائد الصادرة باللغة العربية، فكانت أول صحيفة هي جريدة "المغرب" التي صدرت سنة 1889. ثم جريدة "السعادة" وهي جريدة عربية أصدرتها السفارة الفرنسية في أربع صفحات سنة 1904. طبعت أول مرة في طنجة، وهي جريدة تبشر باتجاه الفرنسيين نحو المغرب. عُرفت جريدة السعادة بولائها للاستعمار الفرنسي، وعاشرت مرحلتين في حياتها، المرحلة الأولى قبل سنة 1912 والثانية تبتدئ بتاريخ 1913.
الصحف الناطقة بالعربية التي ظهرت بمنطقة طنجة الدولية:
السعادة -إظهار الحق -الاستقلال المغربي – الصباح -لسان المغرب – الحق -يقظة المغرب
صحافة مليلية
عرفت منطقة مليلية ظهور الصحافة ابتداء من سنة 1883، وكانت صحيفة "المتصارعون" بمثابة أول جريدة تصدر بالمنطقة. أما باللغة العربية، فقد كانت صحيفة "تلغراف الريف" هي الوحيدة التي رأت النور بمليلية. ويعود تاريخ صدورها إلى سنة 1901 واستمرت في الصدور إلى غاية سنة 1951، السنة التي أصبحت فيها ناطقة باللغة الإسبانية.
صحافة فاس
بدأت الصحافة بمنطقة فاس سنة 1906، وكانت جريدة "الطاعون" أول صحيفة مخطوطة باللغة العربية تصدر بالمغرب. صحيفة "سنان القلم" وهي مجلة صدرت بتاريخ 26 يناير 1908. صحيفة "المفاكهة" صدرت سنة 1908 وهي على غرار سنان القلم اتجهت لإظهار مساوئ الاستعمار. صحيفة "تنبيه المستبد" صدرت سنة 1908، عنوانها الكامل: "تنبيه المستبد حيث على "جهله يعتمد".
صحافة الدار البيضاء
كانت مدينة الدار البيضاء هي المقر الرئيسي للمستعمر الفرنسي في المنطقة السلطانية، وبالتالي كانت المدينة هي مركز انطلاق الصحافة الاستعمارية الفرنسية، ولم تعرف صدور إلا صحيفة واحدة باللغة العربية، وهي جريدة "الأخبار المغربية" سنة 1912. أما باقي الصحف فكلها باللغة الفرنسية. "الشمال والجنوب" وهي أول صحيفة تصدر بمدينة الدار البيضاء سنة 1882.
جرائد مدينة الرباط
كانت الجريدة الرسمية BULLETIN OFFICIEL DE L’EMPIRE CHERIFIEN هي أهم جريدة صدرت بالرباط، وذلك لما للأهمية التي تتوفر عليها من خلال النصوص والقوانين والظهائر التي كانت تصدر فيما يخص مصالح البلاد التي تنظم العلائق بين المؤسسات والأفراد. صدرت الأعداد الأولى منها باللغة الفرنسية سنة 1909 بينما صدر العدد الأول باللغة العربية في 15 فبراير 1919 تحت عنوان: الجريدة الرسمية للدولة المغربية الشريفة المحمية.
عانت الصحافة المغربية إبان العهود الاستعمارية من عدة صعاب، كان أهمها كثرة التشريعات والقوانين التي كان الغرض منها هو المزيد من تضييق الخناق، وخير دليل على ذلك قانون المطبوعات |
نخلص في النهاية إلى القول بأن ظهور الصحافة بالمغرب كان مرتكزا أساسا على نوايا المستعمر، واقترن بظهور الصراع الاستعماري على المغرب، من قبل الفرنسيين أو الإسبان. فكانت هذه الصحافة هي المعبر الرئيسي عن تلك النوايا، بأسلوبها وبتميزها وباحتكارها على نفسها دون إعطاء الفرصة لغيرهم من أجل إظهار عكس نواياهم. فكان الاحتلال الفرنسي، وكانت بجانبه الصحافة الفرنسية. وكان الاحتلال الإسباني مدعوما بالصحافة الإسبانية. وعاش المغرب مدة من الزمن وسط سيل من الصحف الأجنبية، وأمام قلة، بل وانعدام الصحف العربية، باستثناء تلك التي كانت تسمى ب "السعادة" بحيث كانت الناطقة الرسمية بلسان المستعمر الفرنسي وبلغة عربية، كما كانت كذلك بمدينة طنجة جريدة "الترقي" التي اعتبرت أيضا لسان حال الاستعمار الفرنسي.
بعد ذلك ستعاني الصحافة المغربية إبان العهود الاستعمارية من عدة صعاب، كان أهمها كثرة التشريعات والقوانين التي كان الغرض منها هو المزيد من تضييق الخناق، وخير دليل على ذلك قانون المطبوعات الذي عرفه المغرب الذي كان يعطي الحق للفرنسيين أن يصدروا صحفا بالفرنسية، ولا يبيح لغير ذوي الجنسية الفرنسية بذلك. أما فيما يخص الصحف العربية فكانت ممنوعة إلا بتوفر أمر الصدر الأعظم.
ويعتبر ظهير 27 أبريل 1914 بمثابة التشريع الذي خنق الحريات العامة في المغرب إبان عهد الحماية. إضافة إلى وجود نصوص أساسية تعديلية ركزت على قواعد الضمانة المالية المفروض إيداعها على كل مؤسسة صحفية، والترخيص الإداري الواجب قبل إنشاء أية صحيفة ناطقة بالعربية أو العبرية على السواء، ومنع بيع الصحف بالإعلان عنها، وضرورة إيداع نسخ من كل صحيفة فور طبعها وقبل توزيعها أو بيعها، وذلك بمكتب ممثل السلطة المحلية الذي يمكنه منعها من البيع والترويج وإمكانية منع وتوقيف الصحف نهائيا بمجرد مقرر إداري. قوانين صبّت في اتجاه واحد، المزيد من تضييق الخناق على الصحافة الوطنية المغربية.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.