فإذا كنا نستورد الحليب والجبن والحلويات والبسكويت والملابس والأحذية والأثاثات والستائر وأقلام الرصاص والمناديل الورقية فكيف لا نحتاج للدولار؟ إذن وبما أننا نحتاج للعملة الأجنبية لاستيراد كل هذه الأشياء والتي كلما زادت أصنافها تزيد هذه الحوجة، وبما أن هذه العملة الأجنبية موجودة في الخارج، فإن السبيل الوحيد للحصول عليها هو بيع منتجاتنا وتصديرها كحل أساسي للمشكلة، بالإضافة إلى خفض تلك الأصناف التي نستوردها للحد الأدنى لتقليل حوجتنا لذلك البعبع المسمى دولارا كحل مصاحب لا يقل أهمية عن الحل الأساسي.
بما أن من لا يملك قوته لا يملك قراره، فإن من يسلّم اقتصاده لمضاربي الدولار العالميين والمحليين وذئاب تجارة العملة لا ريب سيندم ولكن بعد السقوط في هاوية التلاشي والهلاك. |
لتتحقق مثل تلك الحلول لا بد من توفر الإرادة السياسية والتخطيط السليم، لأن الموارد والمقومات الكافية لنهضة اقتصادية وصناعية كبرى موجودة في هذا البلد بوفرة كبيرة تجعل من الممكن تحول السودان – في بضع سنين – إلى واحد من أكبر المصدرين وليس المستوردين، فمن المؤسف جداً أن يكون لنا مثل هذا البلد العظيم ويقوم اقتصادنا على الودائع والإعانات والهبات!
إن ما يؤسف له أن سياسة الدولة التنفيذية والقائمين عليها ترتكز في المقام الأول على الإعلاء من شأن الاستيراد بما يحققه من مصالح آنية لعصبة محدودة العدد تملك المال والنفوذ ولا تأبه في سبيل تحقيق ذلك حتى إن استمرت معاناة الشعب أو تفاقمت أو حتى إذا سقط الوطن بكامله في براثن الضياع، غافلة أو متغافلة عن حقيقة واضحة مفادها أن المشكلة الاقتصادية التي نعيشها من الخطورة بمكان، وهي أكبر مهدد لأمن الدولة وكينونتها التي لن تحتمل مزيداً من التدهور الاقتصادي.
إن أي أمة في عالمنا الحديث تتمحور عقليتها الاقتصادية على الاستيراد ويختل ميزانها التجاري لصالح الوارد على حساب الصادر، إنما تخاطر بوجودها وتكون عرضة للفناء، وبما أن من لا يملك قوته لا يملك قراره، فإن من يسلّم اقتصاده لمضاربي الدولار – العالميين والمحليين – وذئاب تجارة العملة لا ريب سيندم ولكن بعد السقوط في هاوية التلاشي والهلاك.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.