لا تضيع الحاضر من أجل المستقبل، لا تهدم ما بنيت أو تستغني عما في يديك من أجل أحلام لم تتحقق بعد. قال تعالى: (خُلِقَ الْإِنسَانُ مِنْ عَجَلٍ ۚ). وقال تعالى: (وَيَدْعُ الْإِنسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ ۖ وَكَانَ الْإِنسَانُ عَجُولًا). طَمعنا في امتلاك مالا نملك وسعينا خلف الأوهام يفقدنا الكثير من الإيمان ويضعف قلوبنا. لا نعلم ما نفقد حتى نملك تلك الأوهام وندرك أنها ليست أثمن مما كان في متناولنا.
أن تتغير الأمور من تلقاء نفسها بفعل القدر أخف وقعاً من أن نغيرها نحن ثم نلوم أنفسنا كل يوم. أن نستسلم للقدر أهون علينا من لومِ خياراتنا الخاطئة أو مشاعرنا الجياشة التي تقودنا من غير تفكير أو تخطيط. في الحياة خيارات عديدة، لكننا لا نختارها دائما قاصدين بل نختارها بقلة وعينا واستخفافنا في أولوياتنا. عندما نسكت في وقت الكلام، أو أن نبتسم في وقت الحزن، أو أن نصم آذاننا عما نرى، أو تخوننا أفعالنا فلا تعكس ما في قلوبنا، هنا نسقط فريسة سهلة لأفكارنا المشوشة. نقع ضحية لمخاوفنا الكاذبة، أمام وهن قلوبنا التي سلبناها كرامتها. قال تعالى: (وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً (23) إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا 24) سورة الكهف.
نستطيع أن ننطلق نحو المستقبل ونسعى خلف حياة جديدة ونبني طموحاتنا لكن ذلك لن يكون سهلاً عندما ندفع مسبقاً ثمن هذا التفكير وقبل البدء به. يمكن لنا أن نتخذ الخيارات، لكن يقع على عاتقنا تحمل ما يعقبها من نتائج وتابعت، لن يكون التعايش معها أمراً سهلاً. الشعور بالفشل أو الحظ السيء خطير جدا إذا لم نتدارك ذلك بعزيمة قوية. يُمكِنُنا أن نبدأ من جديد إذا تعايشنا مع فكرة الفشل على أنها تجربة نادرة لن تحدث مرة أخرى.
الفشل هو درس تحصل عليه مراغماً، يختارك لأنك لن تستطيع أن تتعلمه من الآخرين، فالتجربة خير دليل وبرهان. الفشل يعطي طعماً للنجاح لن تتذوق حلاوته إذا لم تذق مرارة الفشل. لن تكون أيامنا كلها مثالية نعيشها في الطبقة البرجوازية إنما حياتنا كموج البحر تارة تعلو وتارة تهبط لكن إذا بقي البحر هادئ لما على الموج وما نزل. هكذا هي الحياة نعيشها بمغامراتها بين النجاح والفشل.
يقول ألبرت أينشتاين: (الإنسان الذي لم يرتكب خطأ هو إنسان لم يحاول أبدا). ويقول باولو كويلو: (الشيء الوحيد الذي يجعل الحلم مستحيل هو الخوف من الفشل). لا يوجد شيء أثمن من أن نحتفظ بالإيمان بالله ونجعل الأمل ينمو في داخلنا كلما ضاقت بنا دنيانا. الكثيرون يحاولون تحويل حياتنا إلى يأس وجحيم وتضيق أحوالنا، غير مكترثين فيما نحمله من طموح وإرادةٍ بالحياة وتحقيق أحلامٍ كانت دوماً أهدافاً نريد أن نحققها. الحياة مراحل نعيشها هنا وهناك ولا تنتهي عند أشخاص محددين أو أماكن معينة. علينا أن نتمسك بأحلامنا ولا نجعل بعض الفاشلين ينجحون في تحطيمنا من أجل بناء أحلامهم على حساب إفشال الآخرين. معنوياتك هي رأس مالك في هذه الحياة للوصول لما تصبو إليه من نجاح وتفوق.
رغم ضعفنا وقلت حيلتنا نحو الكثير من الأمور التي لا نستطيع أن نغيرها بأنفسنا لكن يمكن لغيرنا أن يمتلك حلاً سريعاً وشافياً. لذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من فرَّج عن مسلم كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة). يمكن لأي واحد منا مهما بلغ ضعفه أو كثرت مشاكلة أن يبقى معطاءً للخير مغلاقاً للشر، فلعل عملك هذا يكون سبباً في حل مشاكلك ويبعد عنك شراً لا تعلمه ويقرب إليك خيراً تتمناه. الحياة تحتاج منا أن نصبر فقد قال تعالى: (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ). وقال تعالى: (إن بعد العسر يسرا). وقد قيل: "الصبر مفتاح الفرج". لا بد من وجود اختبارات تمتحن صبرنا وقوة إيماننا كل ما نحتاجه في هذه الحياة أن نملك الإيمان ونتفاءل بالخير ونحسن الظن بالله.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.