قابس اليوم ليست مجرد مدينة ملوثة أو أزمة بيئية جهوية. إنها اختبار وطني حقيقي لمصداقية الدولة التونسية ولقدرتها على حماية مواطنيها وإدارة أزماتها. كما أنها مرآة لانهيار الثقة بين الشعب والسلطة.


قابس اليوم ليست مجرد مدينة ملوثة أو أزمة بيئية جهوية. إنها اختبار وطني حقيقي لمصداقية الدولة التونسية ولقدرتها على حماية مواطنيها وإدارة أزماتها. كما أنها مرآة لانهيار الثقة بين الشعب والسلطة.

لا تحتاج تونس اليوم إلى أبطال خارقين، بل إلى تحالف واسع من العقول النظيفة، والضمائر الحية، والإرادات الحرة. لا تزال لحظة التدارك والاستئناف ممكنة، لكن النافذة تضيق يومًا بعد يوم.

ثمة حاجة اليوم إلى بناء سردية وطنية متوازنة تعيد الاعتبار لتجربة الانتقال الديمقراطي، لا باعتبارها تجربة خالية من الأخطاء، بل لأنها شكلت خطوة مهمة في مسار بناء دولة الحريات والحقوق.

لا شيء يوحي بأن هذه السنة ستكون مختلفة عن سابقاتها، لا من حيث الانفراج السياسي، ولا الإنجاز الاقتصادي أو الاجتماعي. لا تزال تونس أسيرة ركود مزمن، وانسداد في الآفاق، وتدهور مؤشرات التنمية.

المقال يبين كيف حوّل قيس سعيّد تونس من تجربة ديمقراطية ناشئة إلى حكم فردي مغلق، أدخل البلاد في عزلة داخلية وخارجية عميقة، وفقدان متسارع للمكانة والدور الإقليمي والدولي.

منذ انقلاب 25 يوليو/تموز 2021، انحاز اتحاد الشغل للسلطة ضد الديمقراطية، فخسر استقلاليته ورمزيته، وأسهم مع خصوم النهضة في تقويض التجربة الديمقراطية التونسية بدل حمايتها.

يحاور النص واقع حركة النهضة بعد أزمة انقلاب 25 يوليو/تموز 2021، ويطرح تجديدها الذاتي كمدخل لحل وطني، داعيًا إلى مراجعة فكرية وتنظيمية تؤهلها للعب دور سياسي وطني مؤثر.

بعد أربع سنوات من انقلاب 25 يوليو/ تموز، تواجه تونس أزمة سياسية واجتماعية عميقة، تبرز الحاجة لمراجعة شاملة للمرحلة الانتقالية، وبناء مشروع وطني ديمقراطي يجمع كل التونسيين.

تونس اليوم في حالة عطب شامل بلا بوصلة، وفي حالة فراغ كبير تبحث عن مشروع وعن أمل. لا تحتاج إلى بطل جديد، بل إلى مشروع وطني جامع يُنقذ ما تبقى من روح الثورة.

تحوّلات فكرية عميقة تشهدها تونس تكشف عن ربيع فكري ناشئ يتجاوز الصراع السياسي التقليدي نحو إعادة صياغة العلاقة بين الدولة والمجتمع على أسس جديدة.
