الفن يزيح الغبار عن أصحاب المعاناة.. الفنان المغربي نعمان لحلو يطلق أغنيته حول التوحد
"يا صديقي نَور طريقي، منك تعلمنا الصمود. يا كريم الله كريم، أقداره كرمٌ وَجودٌ"، بهذه الكلمات يغني الفنان والموسيقار المغربي نعمان لحلو مخاطبا الشاب كريم بن عبدالسلام في ثنائي "دويتو" غنائي جمعهما وموضوعه اضطراب التوحد.
ولفتت الأغنية الانتباه إلى معاناة أسر أطفال التوحد التي لا تجد دعما لإدماج أبنائها في المجتمع، وأشاد الجمهور بمشاركة كريم بن عبدالسلام الغناء مع نعمان خاصة أنه شاب مصاب بهذا الاضطراب وتمكّن بفضل دعم عائلته من التعايش معه.
اقرأ أيضا
list of 4 items7 أسئلة حول فوائد تعليم المنتسوري لأطفال التوحد وذوي الاحتياجات الخاصة
بعد أن تبين أنه مريض بالتوحد.. الاحتلال يرفض الكشف عن تسجيلات لحظة قتل إياد الحلاق
مداحة النبي.. الطفلة التي هزمت التوحد بالإنشاد الديني
رسالة الأغنية
يحكي الفنان نعمان للجزيرة نت أن فكرة الأغنية راودته منذ سنوات، حين تلقى رسائل من آلاف الأسر تطلب منه الغناء لأطفال التوحد لعل الفن يزيح بعض الغبار عن هذا الموضوع ويلفت الانتباه لأفراد هذه الفئة وعائلاتهم.
وإذ هو يبحث عن زاوية فنية لتناول الموضوع، التقى الشاب الثلاثيني كريم بن عبدالسلام المصاب بهذا الاضطراب، فوجد فيه ما يبحث عنه، يقول "أن أغني مع مصاب بطيف التوحد سيجعل الرسالة تصل لجمهور أوسع".
وكتب كلمات الأغنية سعيد متوكل، ولحنها نعمان لحلو، وقام بالتوزيع والتنفيذ يونس الخزان، وأخرج الفيديو كليب محسن أمان، وشارك فيه الممثل نبيل عطيف ومجموعة من أطفال التوحد.
ويوضح نعمان أن رسالة الأغنية تتلخص في أن التوحد اختلاف وليس مرضا، وتؤكد ضرورة الاهتمام بالمصابين بالتوحد وخاصة أسرهم التي تعاني الأمرّين من أجل مواكبتهم ودمجهم في المجتمع والتكفل بهم صحيا.
مغن وعازف
يغني كريم بن عبدالسلام بصوته القوي فيقول "يا صديقي نعمان الاختلاف حق يصان، إن قضى ربي مضى قلبي إليه بلا جحود"، ويعد هذا الشاب من النماذج التي تعايشت مع اضطراب التوحد، فأكمل دراسته الجامعية وحصل على ماجستير في الدراسات الإسلامية ويستعد حاليا للدكتوراه.
وعلاقة كريم بالفن لم تولد مع هذه الأغنية، فهو كما يروي في اتصال مع الجزيرة نت بدأ الغناء منذ مدة طويلة، وكانت الأعراس والحفلات العامة المجال الذي يبرز فيها موهبته وقدراته الصوتية.
"كان الناس يطلبون مني بإلحاح الغناء في بعض المناسبات وكنت ألبي طلباتهم وألقى منهم التشجيع" يقول كريم الذي صقل موهبته بالدراسة، فهو يتابع حاليا تكوينه "دراسته" في السنة السادسة بالمعهد الموسيقي ويعزف على آلة البيانو، ويميل لغناء التراث المغربي وخاصة المديح والسماع (الإنشاد الصوفي) والطرب الأندلسي.
عمق وبساطة
ودفع إتقان كريم لأداء الطرب الأندلسي، نعمان لحلو لأن يلحن له الكلمات التي سيؤديها وفق هذا اللحن التراثي.
يقول نعمان "كريم يغني هذا اللون بإتقان، وكلما حاولت جذبه لأداء لون آخر مغربي أو شرقي أجده يعود إلى الأندلسي، فكان عليّ أن أضع لحنا يناسب قدراته الصوتية وميوله، وأضع لي لحنا وجملا موسيقية مختلفة".
ويضيف "من ناحية التوزيع الموسيقي ليونس خزان، نجد في الخلفية سيمفونية موسيقية وفق البناء الكلاسيكي السيمفوني، كان عملنا صعبا فقد أردنا أن نقدم شيئا عميقا وبسيطا في الآن نفسه، حتى تصل رسالة العمل لكل الناس".
تفاعل الجمهور
ولقيت الأغنية تفاعلا إيجابيا من الجمهور على مواقع التواصل الاجتماعي، وقال الإعلامي لحسن لعسيبي في تدوينة، "الفنان والموسيقار نعمان لحلو يحلق من خلال أغنيته الجديدة التوحد، عاليا بالأغنية المغربية والمغاربية والعربية، لأنه يفتح كوة رائعة في حائط التفاهة الذي أخذت إليه الأغنية العربية والمغربية منذ عقود".
وأضاف أن الأغنية قوية بموضوعها وبشكل بنائها الموسيقي وأيضا بعميق شاعريتها وكلماتها ثم الأجمل أن يشاركه فيها بصوت قوي شاب من المصابين بالتوحد.
ويتمسك الموسيقار والملحن والمغني نعمان لحلو بخطه الغنائي الذي يميزه عن بقية الفنانين المغاربة، وبالغناء لأطفال التوحد يمضي في مساره الفني الحافل بالأغاني الإنسانية والقريبة من الناس.
وغنى نعمان لحلو لأطفال الشوارع في أغنية "الضو الأحمر" وأطفال السرطان في أغنية "رحمة" كما غنى عن الهجرة السرية والمرأة وعن المدن المغربية، وغيرها من الأغاني التي جعلت من هذا الفنان حالة موسيقية متفردة لا يبحث عن الأغنية التي تحقق الشهرة السريعة بل يشتغل بعمق لتحقيق رسالة الفن وربطه بهموم المجتمع وقضاياه.